للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقاط ما قد يطلب منهم من الفتاوى الشرعية بعد أن يشذبوا منها كل القيود والشروط ويقطعوا عنها ما قد يتعلق بها من التتمات، حتى تخرج موافقة للمطلوب خاضعة لأهواء السادة الموحهين.

ثم يقدمون هذه الفتاوى إليهم على طبق من المداهنة والنفاق! ..

خامسا- تحريم قتل النساء والأطفال والأجراء والعبيد في الجهاد:

فقد دلّ على ذلك حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما رأى المرأة التي قتلها خالد بن الوليد، وقد اتفق العلماء والأئمة كلهم على ذلك.

ويستثنى منه ما إذا اشتركوا في القتال وباشروا في مقاتلة المسلمين، فإنهم يقتلون مقبلين، ويجب الإعراض عنهم مدبرين.

كما أنه يستثنى ما إذا تترس الكفار بصبيانهم ونسائهم، ولم يمكن ردّ غائلتهم إلا بقتلهم، فإن ذلك جائز، وعلى الإمام أن يتبع ما تقتضيه المصلحة «٩٣» .

سادسا- حكم سلب القتيل:

قلنا إن النبي صلّى الله عليه وسلم أعلن في هذه الغزوة أن من قتل قتيلا فله سلبه، قال ابن سيد الناس:

«فصار ذلك حكما مستمرا» .

قلت: وهذا متفق عليه، ولكن وقع الخلاف بين الأئمة في نوع هذا الحكم الثابت المستمر، أهو من أحكام الإمامة أم الفتوى؟

أي هل أعلن الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك مبلغا عن الله عز وجل حكما لا خيرة له ولا لأحد فيه كتبليغه أحكام الصلاة والصيام أم أعلنه حكما مصلحيا قضى به بوصف كونه إمام المسلمين يقضي فيهم بما يرى أنه الخير والمصلحة لهم؟

فذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه حكم قائم على أساس التبليغ والفتوى وعليه فإن المجاهد له في كل عصر أن يأخذ سلب من قتل على يده من أهل الحرب ولا حاجة في ذلك إلى إذن الإمام أو القائد.

وذهب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله إلى أنه حكم قضائي قائم على أساس الإمامة فقط، فيتوقف جواز أخذ السلب في كل عصر على إذن إمامه. فإن لم يأذن، أضيفت الأسلاب إلى الغنائم وسرى عليها حكمها «٩٤» .


(٩٣) الأحكام السلطانية: ٤، مغني المحتاج: ٤/ ٢٢٣
(٩٤) انظر الأحكام السلطانية: ١٣٩ والأحكام للقرافي: ٣٨

<<  <   >  >>