للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (ومن أنواع العبادة: الاستغاثة والاستعانة والاستعاذة: فلا يُستغاث ولا يُستعان ولا يُستعاذ إلا بالله وحده … ) إلى آخره: هذا كله فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ كالاستعانة بالأموات، والاستعانة بالمخلوق؛ وكالنجاة من الكروب، كمَن غرق في البحر فاستغاث بالولي؛ فهذا هو الشرك؛ لأنه أنزله منزلة الله؛ فلا يستغاث في الكروب إلا بالله وحده، ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٩]، أمَّا الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه فهذا جائز؛ كالذي استغاث بموسى، قال تعالى: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥].

وكالاستغاثةِ: الاستعانةُ والاستنصارُ، فإنَّه يجوز بالمخلوق فيما يقدر عليه، قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٧٢)[الأنفال]. فيجوز أن تقول: انصرني يا فلان على هذا العدوِّ، وكذلك طلبُ الحوائج ممَّن يقدرُ على قضائها، مثلما يكون بين النَّاس من التَّعاون، أمَّا الاستغاثةُ بالأموات كما يفعل المشركون القبوريُّون الذين يعبدون الموتى والصَّالحين، أو مَنْ يُدَّعى لهم الصَّلاح؛ فلا يجوز؛ لأن بالاستغاثة بهم تشبيه لهم بالله، وعبادة لهم مع الله، ومع ذلك هم لا يقدرون على ما يُطلَب منهم؛ فكان عُبَّاد القبور كعُبَّاد الأصنام الذين يَدعون ما لا ينفعهم ولا يَضرُّهم (١).


(١) ينظر: الكشف عن مقاصد أبواب ومسائل كتاب التوحيد لشيخنا (ص ٢٩٧ - ٣٠٠).

<<  <   >  >>