للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (الكراهة لانتصار الإسلام أو المَسَرَّة لانخفاضه): لا ريب أن هذا من أعظم نواقض الإسلام ممن يدعي الإسلام، بل هو في الحقيقة ليس بمسلم في الباطن، بل هو منافق النفاق الأكبر الذين هم في الدرك الأسفل من النار (١)؛ فكراهة ظهور الإسلام، والمَسرَّة بانخفاضه، وبظهور الكفر مما وَصَفَ الله به المنافقين في مثل قوله تعالى: ﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠)[التوبة]، وهذا الموقف يدل على بغضهم للإسلام وأهله، وحبِّهم للكفر وأهله، وأما قوله تعالى: ﴿هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩]، لأن المؤمنين يحبونهم لما يظهرون من الإيمان، ولا يعلمون بواطنهم، وأما المنافقون فلا يحبون المؤمنين لبغضهم الدين، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)[محمد]، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)[محمد].

قوله: (تولي الكفار بمحبتهم ونصرتهم وهو يعلم أنَّ متوليهم منهم): هذا يحتاج إلى تفصيل (٢)؛ فيُقال: إذا كانت المظاهرة للكفار على المسلمين نابعة عن بغضٍ للإسلام والمسلمين والرغبة في إذلال المسلمين؛ فهذا هو عمل المنافقين، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤٣٤).
(٢) ينظر: الدرر السنية (١/ ٤٧٢ - ٤٧٤)، (٤/ ٤٢٢)، وتفسير السعدي (ص ٨٥٦).

<<  <   >  >>