للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وقال الرسول : «لعن الله مَنْ ذبح لغير الله»، حديث صحيح، رواه مسلم (١): اللعنُ: هو الطردُ والإبعادُ عن رحمة الله (٢)، ويكون من الرَّبِّ قولًا وفعلًا، واللهُ تعالى ذكرَ اللعنَ في مواضعَ من القرآن، فهو تعالى يلعنُ مَنْ يشاء كما يغضبُ على مَنْ يشاء؛ قال تعالى في قاتل المؤمنِ عمدًا: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)[النساء]، وقال في إبليس: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨)[ص].

وقولُ رسولِ اللهِ : «لعن الله من ذبح لغير الله»: أي: ذبح له تقرُّبًا إليه وتعظيمًا له؛ لأنه بذلك أشركَ بالله.

وقولُه: «لعن الله»: يحتمل -والله أعلم- أنَّه إخبارٌ عن لعن اللهِ وطردِه لمن ذبحَ لغير الله، ويحتمل أن يكون دعاءً من النبي على مَنْ فعل ذلك، بأن يلعنه الله، ويطردَه عن رحمته، والاحتمالُ الأوَّلُ أبلغُ في الزجر؛ لأنَّ الخبرَ يُفيدُ تحقُّقَ المخبَر، بخلاف الدعاء (٣).

فيدلُّ هذا على تحريم الذبحِ لغير الله، وأنَّه من كبائر الذنوبِ، بل إنَّه شركٌ؛ لأنَّه صرفٌ للعبادة لغيره، والعبادةُ محضُ حقِّه سبحانه.


(١) برقم (١٩٧٨) عن علي بن أبي طالب .
(٢) ينظر: النهاية (٤/ ٢٥٥).
(٣) ويؤيده ما جاء في حديث ابن عباس ، قال: قال النبي : «ملعون من ذبح لغير الله». أخرجه أحمد (١٨٧٥)، وحسنه الألباني في أحكام الجنائز (ص ٢٦٠). وينظر: القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ٢٢٢).

<<  <   >  >>