[البعث بعد الموت والحساب والجزاء على الأعمال والجنة والنار]
إذا عرفت -أيها العاقل- أنَّ الله خلقك لعبادته؛ فاعلم أن الله أخبر في جميع كتبه التي أنزلها على رسله بأنه سوف يبعثك حيًّا بعد الموت، وسيجازيك على عملك في دار الجزاء بعد الموت، وذلك لأنَّ الإنسان ينتقل بالموت من دار العمل والفناء -وهي هذه الحياة- إلى دار الجزاء والخلود، وهي ما بعد الموت، فإذا تمت المدة التي قدَّر الله للإنسان أن يعيشها أمر الله ملك الموت فقبض روحه من جسده، فيموت بعدما يذوق مرارة الموت قبل خروج روحه من جسده.
أما الروح، فإن الله يجعلها في دار النعيم (الجنة) إن كانت مؤمنة بالله مطيعة له؛ وإن كانت كافرة بالله، مكذِّبة بالبعث والجزاء بعد الموت، جعلها الله في دار العذاب (النار) حتى يأتي موعد نهاية الدنيا فتقوم الساعة، ويموت كل مَنْ بقي من الخلق، فلا يبقى إلا الله وحده، ثم يبعث الله الخلق كلهم -حتى الحيوان- ويعيد كل روح إلى جسدها بعدما يعيد الجسد كاملًا كما خلقه أوَّل مرة، وذلك ليحاسب الناس، ويجازيهم على أعمالهم: الذكر والأنثى، والرئيس والمرؤوس،