للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وإذا قال إنسان: لفلان عليّ نذر إن حصل لي كذا أن أتصدق بكذا أو أفعل كذا، فهذا النذر شرك بالله؛ لأنه نذر لمخلوق، والنذر عبادة لا يكون إلا لله، والنذر المشروع هو أن يقول: لله عليّ نذر أن أتصدق بكذا، أو أفعل كذا من الطاعة إذا حصل لي كذا): يوضحه ما يفعله القبوريون من النذر للأموات؛ كمن ينذر للسيد فلان؛ كالبدوي أو الدسوقي أو غيرهما، بأن يذبح له كذا وكذا، وهذا كمَن يصلي له، فإنه يقصد إلى التقرب إليه بالنذر، فكما أنَّ مَنْ نذر لله أن يتقرب إليه بذبح أو نحر يكون عابدًا له مثابًا، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة: ٢٧٠]، وقال تعالى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ [الإنسان: ٧]؛ فكذلك مَنْ نذر لغيره، فالنذر لغيره شرك، والنذر لله عبادة له، وهذا باعتبار الوفاء، أمَّا عقد النذر فإنه جاء النهي عن النذر (١)، فلا يُشرع للإنسان أن ينذر، فيقول: لله عليّ أن أصوم شهرًا أو أتصدق بكذا وكذا؛ فهذا منهيٌّ عنه، قال : «النذر لا يأتي بخير، وإنما يُستخرج به من البخيل» (٢)، ولكنه يكون عبادةً باعتبار المآل؛ لأنَّ الناذر ينذر عبادة يقصد بذلك التقرُّب للمنذور له، وقول الشيخ في نذر الشرك: (لفلان عليّ نذر)؛ يريد: كقول عُبَّاد البدوي: للسيد عليَّ أن أذبح له كذا خروفًا أو بقرة؛ أي: تقرُّبًا إليه، فتتضح عبارة الشيخ، ويتبين مراده إذا قرنت فلانًا بالسيد؛ فقلتَ: للسيد فلان؛ أي: كالبدوي أو الدسوقي مثلًا.


(١) أخرجه البخاري (٦٦٠٨)، (٦٦٩٢)، ومسلم (١٦٣٩) عن ابن عمر .
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٩٢)، ومسلم (١٦٣٩ - ٤) -واللفظ له- عن ابن عمر .

<<  <   >  >>