للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي ذكره المؤلف فهي حرية الاعتقاد، ويراد بها: أنَّ للإنسان أنْ يعتقد ما يشاء فيختار الإيمان أو الكفر، وهذا لم تأتِ به الشريعة فإنه يجب على الإنسان أن يؤمن بالله ورسوله، وليس مخيَّرًا إن شاء آمن، وإن شاء كفر، وأما قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩] فليس ذلك تخييرًا بين الإيمان والكفر بل ذلك تهديد؛ لأن الله أتبعه بذكر وعيد من كفر؛ فقال: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا *** … ﴾ [الكهف: ٢٩] الآية (١)، وقد أوضح الشيخ مراده بحرية الاعتقاد، وذلك بتخيير الكافر إذا أدى الجزية، وأحب الإقامة عند المسلمين بعهد يلتزم بشروطه فإنه يخير: إما أن يسلم، وإن أحب البقاء على دينه فإنه يُقبل منه، ويُقر على ذلك، ويُقال له: ذميٌّ، وأما من أسلم فيجب عليه الثبات على الإسلام، ولا يُسمح له بالردة بل إذا ارتد المسلم فحدُّه القتل؛ لقوله : «مَنْ بدل دينه فاقتلوه» (٢)، وبهذه المناسبة ذكر الشيخ نواقض الإسلام، وهي: الأسباب التي من وقع في شيء منها صار مرتدًا، وهي كثيرة، وذكر الشيخ منها أحد عشر، وللشيخ محمد بن عبد الوهاب رسالة معروفة ب «نواقض الإسلام» (٣)، وذكر فيها عشرةً، إذا أتى المسلم بواحد منها صار كافرًا -نعوذ بالله من ذلك- ولا فرق بين الهازل والجاد، ولا يُعذر إلا المكره؛ لقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: ١٠٦]؛


(١) ينظر: تفسير الطبري (١٥/ ٢٤٤ - ٢٤٥)، وابن كثير (٥/ ١٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠١٧) عن ابن عباس .
(٣) ولشيخنا شرحٌ مختصر مفيد عليها.

<<  <   >  >>