يتقوى بذلك على طاعة الله، ويعاشر زوجته لكي يعفها ويعف نفسه عما حرَّم الله، ولكي ينجب أولادًا يعبدون الله، ويَدْعُون له حيًّا وميتًا فيستمر عمله الصالح، ويكثر بهم عدد المسلمين، فيحصل له بذلك الأجر من الله، ويشكر الله تعالى على كل نعمة تحصل له بالاستعانة بها على طاعته، والاعتراف بأنها من الله وحده، فيحصل له الأجر من الله، ويعلم أن ما يُصيبه أحيانًا من الجوع والخوف والمرض والمصائب إنما هو اختبار من الله له، ليرى الله -وهو به أعلم (١) - مدى صبره ورضاه بقدر الله، فيصبر ويرضى ويحمد الله تعالى على كل حال رجاءً في ثوابه الذي أعدَّه للصابرين، فتهون عليه المصيبة ويتقبلها، كما يتقبل المريض مرارة الدواء طمعًا في الشفاء.
فإذا عاش المسلم في هذه الحياة كما أمره الله بهذه الروح العالية، يعمل للمستقبل الحقيقي الخالد؛ ليسعد السعادة الخالدة التي لا تكدِّرها مكدِّرات هذه الحياة، ولا يقطعها الموت، فهو بلا شك السعيد في هذه الحياة الدنيا، والسعيد في الحياة الآخرة بعد الموت، قال الله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)﴾ [القصص]، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿مَنْ
(١) قال المصنف ﵀ في الحاشية: «يأمر الله عباده وينهاهم وهو يعلم من سيطيع ومن سيعصي قبل ذلك، ولكن لكي يظهر هذا العلم حتى يجازى العبد بعمله فلا يقول المسيء: ظلمني ربي حيث عاقبني بذنب لم أفعله، قال الله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)﴾ [فصلت]».