للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي كانت مع علي يظهر منها تنقص لأبي بكر وعمر، ولا فيها من يقدم عليا على أبي بكر وعمر، ولا كان سب عثمان شائعا فيها، وإنما كان يتكلم به بعضهم فيرد عليه آخر، وكذلك تفضيل علي عليه لم يكن مشهورا فيها، بخلاف سب علي فإنه كان شائعا في أتباع معاوية، ولهذا كان علي وأصحابه أولى بالحق، وأقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه، كما في الصحيح (١) عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين فتقتلهم أولى الطائفتين بالحق».

وكان سب علي ولعنه من البغي الذي استحقت به الطائفة أن يقال لها: الطائفة الباغية، كما رواه البخاري في صحيحه (٢) عن خالد الحذاء، عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: " انطلقا إلى أبي سعيد واسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى به ثم أنشأ يحدثنا حتى إذا أتى على ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل ينفض التراب عنه ويقول: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن" (٣) ورواه مسلم عن أبي سعيد أيضا قال: "أخبرني من هو خير مني أبو قتادة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمار - حين جعل يحفر الخندق - جعل يمسح رأسه ويقول: «بؤس ابن سمية تقتله فئة باغية» ورواه مسلم (٤) أيضا عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «تقتل عمارا الفئة الباغية».

وهذا أيضا يدل على صحة إمامة علي، ووجوب طاعته، وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة، والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار - وإن كان متأولا - أنه لم يكن يجوز قتال علي، وعلى هذا فمقاتله مخطئ، وإن كان متأولا، أو باغ بلا تأويل،


(١) مسلم حديث (١٠٦٤).
(٢) البخاري حديث (٤٤٧) ومسلم حديث (٢٩١٦).
(٣) البخاري حديث (٤٤٧).
(٤) مسلم حديث (٢٩١٥).

<<  <   >  >>