وهو أصح القولين، وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليا، وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين.
وكذلك أنكر يحيى بن معين على الشافعي استدلاله بسيرة علي في قتال البغاة المتأولين، قال: أيجعل طلحة والزبير بغاة؟ ! ، رد عليه الإمام أحمد فقال ويحك وأي شيء يسعه أن يضع في هذا المقام: يعني إن لم يقتد بسيرة علي في ذلك لم يكن معه سنة من الخلفاء الراشدين في قتال البغاة. والقول الثاني: أن كلاً منهما مصيب، وهذا بناء على قول من يقول: كل مجتهد مصيب.
وهو قول طوائف من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية.
وفيها قول ثالث: أن المصيب واحد لا بعينه، ذكر الأقوال الثلاثة ابن حامد والقاضي وغيرهما.
وهذا القول يشبه قول المتوقفين في خلافة علي من أهل البصرة، وأهل الحديث، وأهل الكلام: كالكرامية الذين يقولون: كلاهما كان إماما، ويجوزون عقد الخلافة لاثنين.
لكن المنصوص عن أحمد تبديع من توقف في خلافة علي، وقال: هو أضل من حمار أهله، وأمر بهجرانه ونهى عن مناكحته ولم يتردد أحمد ولا أحد من أئمة السنة في أنه ليس غير علي أولى بالحق منه، ولا شكوا في ذلك.
فتصويب أحدهما لا بعينه تجويز لأن يكون غير علي أولى منه بالحق وهذا لا يقوله إلا مبتدع ضال، فيه نوع من النصب، وإن كان متأولا، لكن قد يسكت بعضهم عن تخطئة أحد، كما يمسكون عن ذمه والطعن عليه، إمساكا عما شجر بينهم، وهذا يشبه قول من يصوب الطائفتين.
ولم يسترب أئمة السنة وعلماء الحديث: أن عليا أولى بالحق وأقرب إليه، كما دل عليه النص، وإن استرابوا في وصف الطائفة الأخرى بظلم أو بغي، ومن وصفها بالظلم والبغي - لما جاء من حديث عمار - جعل المجتهد في ذلك من أهل التأويل.
يبقى أن يقال: فالله تعالى قد أمر بقتال الطائفة الباغية، فيكون قتالها كان واجبا مع علي، والذين قعدوا عن القتال هم جملة أعيان الصحابة: كسعد، وزيد، وابن عمر،