للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسامة، ومحمد بن مسلمة، وأبي بكرة، وهم يروون النصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في القعود عن القتال في الفتنة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، والساعي فيها خير. . .» الحديث (١) وقوله: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن» (٢) وأمره لصاحب السيف عند الفتنة أن يتخذ سيفا من خشب، جاء علي بن أبي طالب إلى أُبي فدعاه إلى الخروج معه، فقال له أُبي: "إن خليلي وابن عمك عهد إلي إذا اختلف الناس أن أتخذ سيفا من خشب، فقد اتخذته، فإن شئت خرجت به معك" (٣) وبحديث أبي بكرة للأحنف بن قيس لما أراد أن يذهب ليقاتل مع علي، وهو قوله: - صلى الله عليه وسلم -: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» (٤) الحديث. والاحتجاج على ذلك بقوله: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (٥) وهذا مذهب أهل الحديث وعامة أئمة السنة، حتى قال: لا يختلف أصحابنا أن قعود علي عن القتال كان أفضل له لو قعد، وهذا ظاهر من حاله في تلومه في القتال، وتبرمه به، ومراجعة الحسن ابنه له في ذلك، وقوله له: ألم أنهك يا أبت؟ ، وقوله: لله در مقامٍ قامه سعد بن مالك، وعبدالله بن عمر، إن كان برا إن أجره لعظيم، وإن كان إثما إن خطأه ليسير.

وهذا يعارض وجوب طاعته، وبهذا احتجوا على الإمام أحمد في ترك التربيع بخلافته، فإنه لما أظهر ذلك قال له بعضهم: إذا قلت كان إماما واجب الطاعة ففي ذلك طعن على طلحة والزبير، حيث لم يطيعاه بل قاتلاه، فقال لهم: أحمد: إني لست من حربهم في شيء - يعني أن ما تنازع فيه علي وإخوانه - لا أدخل بينهم فيه، لما بينهم من الاجتهاد والتأويل الذي هم أعلم به مني، وليس ذلك من مسائل العلم التي تعنيني، حتى أعرف حقيقة حال كل واحد منهم، وأنا مأمور بالاستغفار


(١) البخاري حديث (٣٦٠١) ومسلم حديث (٢٨٨٦).
(٢) البخاري حديث (١٩) وفي مواضع عدة.
(٣) الترمذي حديث (٢٢٠٣) حديث حسن.
(٤) البخاري حديث (٣١) ومسلم حديث (٢٨٨٨).
(٥) البخاري حديث (١٢١) وفي مواضع عدة، ومسلم حديث (٦٦) كذلك.

<<  <   >  >>