الإسلامي، وقد أدرك ذلك أبو بكر، وأعيان الصحابة من المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم -، قام مالك بن التيهان الأنصاري حتى وقف على قومه، فقال:"يا معشر الأنصار، أنصتوا واسمعوا مقالتي، وتفهموا ما ألقيه إليكم، اعلموا أنه قد شمتت اليهود والنصارى بموت نبينا محمد - عليه السلام -، وقد ظهرت حسيكة أهل الردة، وعُظْم المصائب علينا أن مسيلمة الكذاب خرج بأرض اليمامة يرعد ويبرق، وقد تعلمون أنه كان يدعي النبوة في حياة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، والآن قد بلغني أن طليحة بن خويلد الأسدي أيضا قد ادعى النبوة ببلاد نجد، وأنا والله خائف على قبائل العرب أن ترتد عن دين الإسلام، فإن لم يقم بهذا الأمر رجل من بني هاشم، أو رجل من قريش فهو والله الهلاك والبوار"، وقد همت أكثر القبائل بالردة، بل أعلن بعضها عدم دفع الزكاة: الركن الثالث من أركان الإسلام، واجتمعت بنو حنيفة إلى مسيلمة الكذاب بأرض اليمامة، فقلدوه أمرهم وادعى أنه نبيهم، فارتدت بنو أسد ورأسوا على أنفسهم طليحة بن خويلد الأسدي، وهو الذي ادعى النبوة في أرض بني أسد، وارتدت فزارة ورأسوا عليهم عيينة بن حصن الفزاري، وارتدت بنو عامر وغطفان، ورأسوا على أنفسهم قرة بن سلمة القشيري، وارتدت بنو سليم ورأسوا على أنفسهم الفجاءة بن عبد ياليل السلمي، وارتدت طائفة من بني تميم ورأسوا عليهم امرأة يقال لها سجاح.
وبلغ ذلك أبا بكر - رضي الله عنه - فاغتم، بادر إلى المسجد فنادى في العرب، فقام في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"أيها الناس، إنما أنا رجل منكم أغني ما تغنون، وأحامي كما تحامون، وأنتم شركائي في هذا الأمر"، دارت الشورى بين موافق على القتال ومخالف، ولكن الله سلم وجعل الناس يجتمعون إلى أبي بكر - رضي الله عنه -، من كل ناحية، ويتقربون إليه، وإلى الله تعالى بقتال أهل الردة، فقد برئ الله منهم لرجوعهم عن دين الإسلام، ومنعهم الزكاة، وعزم أبو بكر الصديق خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يوجه إليهم بخالد بن الوليد في المهاجرين والأنصار، فكانوا سيفه القاطع، ورمحه النافذ، وسهمه الصائب - رضي الله عنهم -.
ضج المسلمون إلى أبي بكر - رضي الله عنه -، وقالوا: "يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا تسمع إلى ما قد انتشر من ذكر هذا الملعون الكذاب بأرض اليمامة؟ ! ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: لا