للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعجلوا، فإني أرجو أن يكون الله تبارك وتعالى قد أذن بهلاكه، ثم كتب أبو بكر - رضي الله عنه - إلى خالد بن الوليد، وهو يومئذ مقيم في البطاح: «بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن عثمان، خليفة رسول الله - رضي الله عنه - إلى خالد بن الوليد ومن معه من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، أما بعد: يا خالد، فإني قد أمرتك بالجد في أمر الله، والمجاهدة لمن تولى عنه إلى غيره، ورجع عن دين الإسلام والهدى، إلى الضلالة والردى، وعهدي إليك يا خالد أن تتقي الله وحده لا شريك له، وعليك بالرفق والتأني".

هذا في شأن مسيلمة الكذاب مدعي النبوة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتم القضاء عليه، نعق الغراب فتبعه كل غراب، إلا من تاب بعد ذلك وأناب، لما قام لهم السيف والكتاب، والسنة وفصل الخطاب، جيَّشَ لهم أبو بكر خليفة رسول الله، من خيرة الأصحاب من أذلهم فقُتل من قُتل، وعاد منهم من عاد إلى الحق والصواب.

بعث إليهم أبو بكر خالد بن الوليد رضي الله عنهما، فقتل مسيلمة الكذاب، وقاتل بني حنيفة وأهل الردة وأطاعوه، وكان عامر بن الطفيل الدوسي (١)، من أصحاب الرايات ممن شهد اليمامة مع خالد بن الوليد (٢).

دعا أبو بكر خالد بن الوليد رضي الله عنهما، فعقد له عقدا، وضم إليه الجيش، ثم قال: "يا خالد، سر نحو طليحة بن خويلد الأسدي ومن معه من بني أسد وغطفان وفزارة، وانظر إذا وصلت إلى القوم ونزلت بديارهم وسمعت أذانا، فلا تقاتلن أحدا حتى تعذر إليهم وتنذرهم، ثم دسس إلى أمرائهم وأشرافهم فأعطهم من المال على أقدارهم، وانظر إذا وافيتهم، فلا تنزلن بهم نهارا فيروا عسكرك، ويعلموا ما فيه من الناس، ولكن انزل بهم ليلا عند وقت نومهم، ثم ارعوا إبلكم وحركوا أسلحتكم، وهولوا عليهم ما قدرتم، وإن أظفركم الله بطليحة بن خويلد وأصحابه، فسر نحو البطاح من أرض تميم، إلى مالك بن نويرة، وأصحابه ولعلي آتيك من ناحية أخرى إن قدرنا على ذلك، إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".


(١) بتصرف، انظر: فتوح الشام ١/ ٥، ١٩٩.
(٢) هذا في نظري خطأ، إنما هو الطفيل بن عمرو، وقد بينت ذلك في كتابي الجوس في من نسب إلى دوس.

<<  <   >  >>