للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ما أثار الحقد المجوسي، ولاسيما فتح بلاد فارس، وتطهيرها من عبادة غير الله - عز وجل -، فحرك المجوس أصابعهم، واستطاعوا بقدر من الله - عز وجل - أن يصلوا إلى رمز الإسلام عمر بن الخطاب بتحريك ذلك العلج المجوسي ليقضي الله أمرا كان مفعولا، كان أبو لؤلؤة المجوسي أشقى الخلق بما أقدم عليه من قتل عمر بن الخطاب، وكان أبو لؤلؤة المجوسي مملوكا للمغيرة، وكان قتلُه عمر مؤامرة منه مع غيره من المجوس الأسرى، الذين جيء بهم أسرى إلى المدينة (١)، فقال: إن المغيرة قد جعل عليَّ من الخراج ما لا أطيق، قال: كم جعل عليك؟ قال: كذا وكذا، قال: وما عملك؟ قال: أجوب الأرجاء (٢)، قال: وما ذاك عليك بكثير، ليس بأرضنا أحد يعملها غيرك، ألا تصنع لي رحى؟ ، قال: "بلى والله، لأجعلن لك رحى يسمع بها أهل الآفاق"، فخرج عمر إلى الحج، فلما صدر اضطجع بالمحصب، وجعل رداءه تحت رأسه، فنظر إلى القمر فأعجبه استواؤه وحسنه، فقال: "بدأ ضعيفا ثم لم يزل الله يزيده وينميه حتى استوى، فكان أحسن ما كان، ثم هو ينقص حتى يرجع كما كان، وكذلك الخلق كله"، ثم رفع يديه فقال: "اللهم إن رعيتي قد كثرت وانتشرت فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيع" فصدر إلى المدينة فذُكر له أن امرأة من المسلمين ماتت بالبيداء، مطروحة على الارض يمر بها الناس لا يكفنها أحد، ولا يواريها أحد حتى مر بها كليب بن البكير الليثي، فأقام عليها حتى كفنها وواراها، فذكر ذلك لعمر فقال: "من مر عليها من المسلمين؟ "، فقالوا: لقد مر عليها عبد الله بن عمر فيمن مر عليها من المسلمين، فدعاه وقال: "ويحك! مررت على امرأة من المسلمين مطروحة على ظهر الطريق، فلم توارها ولم تكفنها؟ ، قال: ما شعرت بها ولا ذكرها لي أحد، فقال: لقد خشيت أن لا يكون فيك خير، فقال: من واراها وكفنها؟ قالوا: كليب بن بكير الليثي، قال: والله لحري أن يصيب كليب خيرا"، فخرج عمر يوقظ الناس بدرته لصلاة الصبح، فلقيه الكافر أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات بين الثنة والسرة، وطعن كليب بن بكير فأجهز عليه، وتصايح الناس، فرمى رجل على رأسه ببرنس ثم اضطبعه إليه، وحمل عمر إلى الدار


(١) مصنف ابن أبي شيبة ٨/ ٥٧٦.
(٢) جمع رحى، فهو يقطعها من الحجارة، ويصنعها ..

<<  <   >  >>