للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منكم إلى ألفين، ويزعم أنّ فيكم بستان قريش" فاستخف النّاس، وجعل أهل الرأي ينهونهم فلا يسمعون منهم (١).

وهكذا تدرج طلب الفتنة، ومن طلابها الأشتر ومن سايره، ولاسيما بعد وقوفه على باب المسجد معلنا ذلك الخبر المكذوب، وأخذ شرر الفتنة يتناثر، حتى أسعرها عدو الله ورسوله عبدالله بن سبأ لعنه الله، ولعن من والاه، فإنه يهودي من أهل صنعاء، أمه سوداء أظهر الإسلام زمان عثمان - رضي الله عنه -، وأبطن الكفر والحقد على الإسلام، وتنقل في بلدان المسلمين ينشر الضلال، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: "لَعجبٌ ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويُكذِّب بأن محمدا يرجع وقد قال الله - عز وجل -: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} (٢)، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى" فقُبل ذلك عنه، رغم أنه استدلال باطل، ووضع لهم عقيدة الرجعة فتكلموا فيها، ثم قال لهم بعد ذلك: "إنه كان ألف نبي، ولكل نبي وصي، وكان علي وصى محمد، ثم قال: محمد خاتم الانبياء، وعلي خاتم الأوصياء" ثم قال بعد ذلك: "من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووثب على وصي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وتناول أمر الأمة، ثم قال لهم بعد ذلك: "إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، وابدؤوا بالطعن على أمرائكم، واظهروا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تستميلوا الناس، وادعوهم إلى هذا الأمر" (٣).

هكذا سمى ضلاله أمرا بالمعروف، ونهيا عن المنكر، وما هو إلا أمر بالمنكر، وهو الحقد على الإسلام، وتفكيك جماعة المسلمين، وشرذمتهم لتضعف شوكتهم، ويسهل القضاء عليهم، ونهي عن المعروف، والمنكر عنده الإسلام برمته، واجتماع المسلمين على الكتاب والسنة، نشر ابن السوداء الفتنة بين المسلمين،


(١) الفتنة ووقعة الجمل ١/ ٤٥.
(٢) من الآية (٨٥) من سورة القصص.
(٣) الفتنة ووقعة الجمل ١/ ٤٩.

<<  <   >  >>