للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بوصف، الإيمان والصدق والإخلاص، ولا أولى منهم بوصف النصرة والجهاد في سبيل الله، فهم أهل السمع والطاعة لله ورسوله، وهم أهل الالتزام بكل ما جاء في الكتاب والسنة، وإن جالت الأفكار، وتبارت المهارات في البلاغة والأسلوب والبيان، فللهداية والإرشاد، في إطار لا يجوز الخروج عنه بحال، إطار التوجيه الإلهي، والهدي النبوي، جعلوا قلوبهم أوعية لكتاب الله - عز وجل -، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من قال عنهم رب العزة والجلال: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (١) وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} (٢)، من وصفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» (٣)،

فقد حملوا كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل صغيرة وكبيرة، وهم العدول الأمناء بشهادة الله، ورسوله، وإجماع المسلمين، بهذا الوصف، وبهذه الشهادة لم ينلها أحد بعدهم، إلا من نهج نهجهم، ونهل من مشربهم العذب النقي، كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، حملوا ميراث النبوة، أمانة في أعناقهم يؤدونها، كما أخذوها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخلف من بعدهم المهتدون بهديهم، المقتفون أثرهم في اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رغم ما بُلي به الإسلام من ظهور فرق شذّت عن منهج النبوة، وعابت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتنوعت لديهم المشارب، وبرزت منهم ضد الإسلام الأنياب والمخالب، فكان المتمسكون بالكتاب والسنة لهم بالمرصاد، فكما بلّغهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن رسول الله أمر هذا الدين، امتثلوا أمره - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ عنه لمن بعدهم، وأنفذوا في ذلك أعمارهم، واستفرغوا جهدهم وبادروا إلى ما رغّب فيه من ذلك الأمر الجسيم، حيث دعا لهم بالنُّضْرة والنعيم، وكفاهم هذا الدعاء شرفا، بوأهم الله من الجنة غرفا، ولقّاهم الفوز العظيم، وقد تخير الله تعالى من كل خلف عدوله لفهم كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - على الوجه


(١) الآية (١٨) من سورة الفتح.
(٢) من الآية (٢٩) من سورة الفتح.
(٣) الإبانة لابن بطة حديث (٣٣) ..

<<  <   >  >>