للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح، واصطفاهم لنقده ونقله، فحفظوه من التبديل والتحريف، وعرّفوا ما يتعلق بشأنه أوضح تعريف، وتصرفوا في أنواع بيانه أحسن تصريف، حتى استبان منه الصحيح والحسن، والمنكر والضعيف، فهم كما وصفهم - صلى الله عليه وسلم -، خير القرون، أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتابعون لهم بإحسان، وأتباع التابعين، ولا ريب في أن يلحق بهم من نهج نهجهم، وتمسك بما تمسكوا به من هدي الكتاب والسنة، وهم الطائفة المنصورة، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق، منصورة حتى يأتي أمر الله» (١)، ولا تعارض بين هذا وقول الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة: إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم؟ ، لأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم نقلة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن عمل عملهم ونهج نهجهم، من التابعين، وأتباعهم، والسائرين على نهجهم إلى يوم الدين هم كذلك منهم، سواء اشتهروا برواية الحديث أو بغير ذلك، مادامت سيرتهم لا تخرج عن نهج الصحابة القويم سيما في أمور الاعتقاد، فلو كانوا فقهاء، أو أدباء، أو أطباء، أو منهدسين، أو تجارا، أو أصحاب حرف مما لا يمكن حصره من أنواع المهن، هم من الطائفة المنصورة، وهم من الفرقة الناجية، إذا كانوا على مثل الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وإنما خص الإمام أحمد وغيره أصحاب الحديث، لظهورهم في هذه الصفة، صفة التمسك بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولا يمنع دخول غيرهم ممن اعتقد اعتقادهم وعمل عملهم إلى يوم الدين، وهذه الطائفة هي الفرقة الناجية من ثلاث وسبعين فرقة، لثباتها على ما عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، أجاب بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سأله عنها (٢).


(١) مسلم حديث (١٧٠).
(٢) المعجم الأوسط حديث (٤٨٨٦).

<<  <   >  >>