للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من منابعها الدنسة، ومنهم من ساير الآخرين من الأتباع السذج، فخرج على الإسلام نساء يطعنن على ما جاء به في شأن المرأة: فالحجاب يطلبن بدلا عنه تبرج الجاهلية الأولى، وإلعدّة في الطلاق أو الوفاة ينادين بإلغائها والاكتفاء بالكشف المخبري، والأجانب عندهن لا فرق بينهم وبين المحارم، تكلم من تريد، وتجلس مع من تريد، وتسافر مع من تريد، في وقت نسيت أو تناست المرأة المغرورة، أن ربها وخالقها تعبّدها بهذه الأمور فالحكمة منها قبل كل شيء التعبد لله لأنه تعالى يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (١)، ولا تخرج المرأة من التكليف بأنواع العبادة إلا إذا لم تكن من الجن والإنس، فالعبادة ليست قاصرة على الصلاة والصيام، ولا على الزكاة والحج، هي كذلك قائمة في الاعتقاد وفي الأقوال والأفعال، ومن ثمار التعبد ظهور القيم والفضائل والعزة والكرامة في أكمل صورها، فالله تعالى خلق الإنسان وجعله يعيش حياة دنيوية قصيرة، لابتلائه بما جاءت به الرسل، فيظهر المحسن والمسيء، وينال كل منهما جزاءه في الحياة الآخرة الأبدية، قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٢)، ومقتضى ما أقدم عليه المستغربون رجالا ونساء من هذا السلوك وتلك الدعوة القذرة، أن الله وهو خالق المرأة جاهل بما يصلحها، وأن ما نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسنة لم يعد صالحا لحال المرأة اليوم، ولا عادلا في شأنها، وأصبحت قوانين الغرب وسلوكياته هي ما يصلح به شأن المرأة، فالمستغربون اليوم أحسن منهم الجاهليون الأولون حين قالوا: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} (٣)، وقد كان آباؤهم على الضلال، فلم يبغوا بما كان عليه آباؤهم بديلا، والمستغربون اليوم وجدوا آباءهم على الحق والهدى، نهج لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فبرزوا لهدم ما عليه آباؤهم من الهدى، وتباروا لإرساء الزندقة والكفر على أنقاض الفضيلة والقيم الإسلامية، كل هذا من أجل مشاركة الغرب حياتهم البهيمية، {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ


(١) الآية (٥٦) من سورة الذاريات.
(٢) الآية (١) من سورة الملك ..
(٣) من الآية (١٧٠) من سورة البقرة.

<<  <   >  >>