أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (١)، حتى تداعت الأمم اليوم على المسلمين من كل حدب وصوب، بعد أن دمروا الأخلاق والقيم، ينهبون الثروات، ويسومون المسلمين سوء العذاب، والمسلمون يصدق عليهم أنهم غثاء، وليسوا في نظري أحسن حالا من قبيلة إياد في الجاهلية التي استعدى عليها أعداؤها من كل مكان، ولم يسمعوا نداء المصلح من عقلائها أحد شعرائها وهو لقيط بن يعمر الإيادي إذ قال لهم:
بل أيها الركب المزجى على عجل ... نحو الجزيرة مرتادا ومنتجعا
أبلغ إيادا وخلل في سراتهم ... إني أرى الرأي إن لم أعص قد نصعا
يا لهف نفسي أن كانت أموركم ... وأحكم أمر الناس فاجتمعا
ألا تخافون قوما لا أبا لكم ... أمسوا إليكم كأمثال الدبا سرعا
فهم سراع إليكم بين ملتقط ... شوكا وآخر يجني الصاب والسلعا
لو أن جمعهم راموا بهدته ... شم الشماريخ من ثهلان لانصدعا
في كل يوم يسنون الحراب لكم ... لا يهجعون إذا ما غامل هجعا
خرزا عيونهم كأن لحظهم ... حريق نار ترى من السنا قطعا
لا الحرث يشغلهم بل لايرون لهم ... من دون بيضتكم ريا ولا شيعا
وأنتم تحرثون الأرض عن سفه ... في كل معتمل تبغون مزدرعا
وتلبسون ثياب الأمن ضاحية ... لا تجمعوم وهذا الليث قد جمعا
وقد أظلم من شطر ثغركم ... هول له ظلم تغشاكم قطعا
ما أراكم نياما في بلهنية ... وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا
فاشفوا غليلي برأي منكم حسن ... يضحي فؤادي له ريان قد نقعا
قومو قياما على أمشاط أرجلكم ... ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا
يا قوم إني لكم من عز أولكم ... إرثا أحاذر أن يودي فينقطعا
يا قوم لا تأمنوا إن كنتم غيرا ... على نسائكم كسرى وما جمعا
هو الجلاء الذي يجتث أصلكم ... فشمروا واستعدوا للحروب معا
(١) الآية (٤٤) من سورة الفرقان.