ولا سبقهم إليه أحد (١)، ومن أسباب زيغهم في الاعتقاد زعمهم أن التنصيص على الولاية واجب، وزعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على ولاية علي - رضي الله عنه -، وليس الأمر كما زعموا، فلو كان ذلك صحيحا لما خفي على عامة الصحابة، ولما جاز لهم مبايعة أبي بكر ومن بعده عمر، ومن بعده عثمان، ومن بعده علي - رضي الله عنهم -، كل واحد منهم تمت له البيعة بالتفويض، ولم يحصل الخلاف على بيعة أحد منهم، حتى معاوية - رضي الله عنه - لم يحصل منه خلاف على بيعة علي - رضي الله عنه -، وإنما كان الخلاف على قتلة عثمان - رضي الله عنه -.
وزعم الرافضة عصمة الإمام، فكما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم، وجب عندهم أن يكون خليفته معصوما، فقالوا: علي أولى بالخلافة لأمور، ومنها كما زعموا أنه معصوم، وزعموا انسحاب العصمة فيه وفي أبنائه إلى اثني عشر إماما كلهم معصومون، آخرهم صاحب السرداب كما يزعمون، وهم يرجون خروجه رغم مرور أكثر من (١٢٠٠) سنة، واجتهدوا بكل فكر يخدم هذا المشروع، حتى أعدوا خطة محكمة قبلها الرعاع منهم، وتم بها نشر المذهب البعيد كل البعد عن وحدة المنهج، فبدؤوا بتجريح الخلفاء الراشدين الثلاثة، حتى وصفوهم بالكفر والزندقة، وحشدوا من السب والشتم واللعن ما يستحي منه الفجار فضلا عن الأبرار، وطفحت كتبهم بذلك بدون خوف من الله ولا حياء من الناس، وهكذا حولت الرافضة الإمامية مسار التشيع بادئ ذي بدء، واتخذوا الخلفاء الراشدين الثلاثة غرضا لكل قول قبيح، وغلو في ذلك أشد الغلو حتى جرحوا من حيث لا يشعرون عليا - رضي الله عنه - فزعموا أنه معصوم وأحق بالولاية، كل ذلك الخلط من أجل الإثبات للرعاع أتباعهم أن الولاية بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -، ومن بعده أبناؤه وأحفاده إلى اثني عشر منهم، وحاولوا تقديم بعض النصوص تدعيما للموقف، أبرزها قصة غدير خم التي لم تصح البتة، وزعموا أن البيعة عقدت لعلي بهذا القول:" من كنت مولاه فعلي مولاه " بتأويل باطل، وقطعوا النظر في سبب هذا القول، والسبب أن عليا - رضي الله عنه - شكاه قوم فقالوا: يا رسول الله، إن عليا فعل كذا وكذا، كانوا أربعة كلهم