صحابي يقال له: شويل (١)، وذلك أنه لما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قصور الحيرة، وكأن شُرُفها أنياب الكلاب، فقال له يا رسول الله، هب لي ابنة نفيلة، واسمها كرامة، فقال: هي لك، فلما كان يوم خالد هذا ادعاها شويل - رضي الله عنه -، وشهد له اثنان، فلم يصالحهم خالد حتى يسلموها، فامتنع قومها من تسليمها وقالوا: ما تريد من امرأة ابنة ثمانين سنة؟ ! ، فقالت لقومها: ادفعوني إليه، فإني سأفتدي منه، وإنه قد رآني وأنا شابة، وسلمت إليه، فلما خلا بها قالت: ما تريد امرأة بنت ثمانين سنة؟ ! ، وأنا أفتدي منك فاحكم بما تريد، وقال: والله لا أفديك بأقل من عشر مائة، فاستكثرتها خديعة منها، ثم أتت قومها وأحضروا له ألف درهم، ولامه الناس وقالوا: لو طلبت أكثر من مائة ألف لدفعوها إليك، فقال: وهل عدد أكثر من عشر مائة؟ ! ، وذهب إلى خالد وقال: إنما أردت أكثر العدد، فقال خالد: أردت أمرا وأراد الله غيره، وإنا نحكم بظاهر قولك، ونيتك عند الله، كاذبا كنت أم صادقا، وفي هذه القصة جانبان هامان:
الأول: الوفاء بما وعد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شويلا - رضي الله عنه -، كما وفّى عمر - رضي الله عنه - لسراقة بسواري كسرى.
الثاني: العدل: بعدم قبول دعوى شويل - رضي الله عنه - أنه ما أراد إلا أكثر العدد، وقد صلى خالد لما فتح الحيرة ثمان ركعات بتسليمة واحدة، اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يوم فتح مكة فقد صلى ثمان ركعات شكرا لله - عز وجل - على ذلك الفتح العظيم، وما أشبه الليلة بالبارحة في حياة خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، يعظمه أبو بكر فيقول: والله لأشغلن النصارى عن وساوس الشيطان بخالد بن الوليد، وبعث إليه وهو في العراق ليقدم إلى الشام، فيكون الأمير على من بها، وقد حفظ الصديق - رضي الله عنه - للأمة أمر دينها بجمع القرآن الكريم من صدور الرجال، واللخاف والعُسُب، وكلف بذلك زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، وقد لفت نظره إلى هذا العمل العظيم ما وقع للقراء من القتل في يوم
(١) لعل هذا لقبه وهو خريم بن كعب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي، وهذه الشيماء بنت نفيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود " فقلت: يا رسول الله، فإن نحن دخلنا الحيرة ووجدتها على هذه الصفة هل لي؟ قال: " هي لك " وذكر الحديث (أسد الغابة ١/ ٣٣٢).