للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهمه ابن نفيلة وقومه، وبرز الوفاء من خالد لموعود وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هو


= قليلا، فإذا هم بماء حين أقلعت السماء عنه، فتوضؤا منه وتزودوا، وقد لا حظ أحد أصحابه اشتراطه في الدعاء، وهو أمر استغربه، فلما رأى أن الله استجاب له وأنز ل المطر، أراد أن يتحقق الإجابة في الشرط، فملأ إداوته وتركها عمدا، فلما ساروا مسافة قال لأصحابه: إني نسيت إداوتي فرجع إلى ذلك المكان فلم يجد أثرا للماء، وكأنه لم يصبه ماء قط، وليس في اشتراط العلاء غرابة، لأن الأرض أرض عدو، وفي ذلك وهَن لهم، وفيه كرامة للمجاهدين لإعلاء كلمة الله، وعلم العدو بمثل هذا الحدث تسهيل لمهمة المجاهدين، هاتان اثنتان، أما الدعوة الثالثة: فلما أشرفوا على دارين حال البحر بينهم وبينها، فقال العلاء: يا علي يا حكيم، إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك، اللهم فاجعل لنا إليهم سبيلا، فدخلوا البحر ولم يبلغ الماء لبودهم، ومشوا على متن الماء ولم يبتل لهم شيء، وأخرى وقعت لأحد الصحابة، عندا ما حال نهر دجلة وهو ماد بينهم وبين العدو، فقال رجل من المسلمين: بسم الله ثم اقتحم بفرسه، فارتفع على الماء، فقال الناس: بسم الله فارتفعوا على الماء، فنظر إليهم العدو وقالوا: " ديوات، ديوات" أي مجانين، يقولون ذلك وهم فارون على وجوههم، وكان أول من اقتحم دجلة في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، أبو عبيدة النفيعي أمير الجيوش، وأنه نظر إلى دجلة فتلا قوله تعالى: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا} آل عمران من الآية (١٤٥) ثم سمى الله تعالى واقتحم بفرسه الماء، واقتحم الجيش وراء، ومن ذلك، قصة أبي مسلم الخولاني، جاء إلى دجلة وهي ترمي الخشب من مدها، فمشى على الماء والتفت إلى أصحابه وقال: هل تفقدون من متاعكم شيئا فندعو الله تعالى؟ ! "ثقة بالله - عز وجل - لا حدود لها، فكافأهم الله - عز وجل - بفورية الإجابة وشد الأزر، ولم تكن هذه الصفة قاصرة على الرجال، بل كان للنساء المؤمنات حظا، وذلك "أن امرأة أتت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مهاجرة ومعها ابنها قد بلغ، فأضافها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النساء، وابنها إلى الرجال مع أهل الصفة، فلم يلبث أن أصابه وباء المدينة، فمرض أياما ثم قبض، فغمضه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بجهازه، فلما أرادوا أن يغسلوه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا أنس ائت أمه فأعلمها)، فأعلمها أنس قال: فجاءت حتى جلست عند قدميه، فأخذت بهما ثم قالت: اللهم إني أسلمت لك طوعا، وخلعت الأوثان، فلا تحملني من هذه المصيبة ما لا طاقة لي بحمله"، قال: "فوالله ما انقضى كلامها حتى حرك قدميه، وألقى الثوب عن وجهه، وعاش حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحتى هلكت أمه"، إن هذا وما شابهه حدث بسبب إيمانهم بالله ورسوله، وتحكيم كتاب الله وسنة رسوله، فنالوا ما نالوا من الفضل والتميز، نسأل الله أن يطهر قلوبنا ويستجيب دعاءنا، ولا يحرمنا فضله ونصرته وكرمه. انظر (البداية والنهاية ٦/ ٣١١٨، ٣١٩، ٣٢٠).

<<  <   >  >>