للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثلاث التي وددت أني سألت رسول اللهّ - صلى الله عليه وسلم - عنها: وددت أني كنت سألته في مَنْ هذا الأمر، فلا يُنازَع الأمر أهله، وددت أني سألته عن ميراث العمة وبنت الأخ فإن بنفسي منهما حاجة، ووددت أني سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب فنعطيهم إياه (١).

هذا ما دار في ذهن أبي بكر - رضي الله عنه - وهو في آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، ذكر أمورا لا حرج عليه فيها، فقد وفّى في أمانته، فنقول يا أبا بكر رضي الله عنك إن كنت تحرجت مما ذكرت، فنقول لا تثريب عليك، فقد بذلت ما برأت والله به ذمتك، ولن يخزيك الله - عز وجل -، هذا ظننا بربنا - رضي الله عنهم -.

نقول هذا لأنك رويت وأنت الصادق المصدّق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال» (٢) - يعني مال الله - وقلت: "ليس لهم أن يزيدوا على المأكل، وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كانت عليها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، فتشهد عليٌّ ثم قال: "إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك، وذكر قرابتهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحقهم"، فتكلم أبو بكر فقال: "والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي" (٣).

فكنتُ خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتزمتُ بما التزم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأي خطأ في هذا، ولِمَ لَمْ يوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أمر الله بذلك في كتابه العزيز، فقال - عز وجل -: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (٤) وأمر بها - صلى الله عليه وسلم - سعد بن مالك - رضي الله عنه -، قال سعد: قال: دعاني رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وأنا مريض فقالَ: «أوصيت؟ » قلت: نعم. قال: «بِكَمْ؟ » قلت: بمالي كله في سبيل الله، قال: «فما أبقيت لولدك؟ » قلت: هم أغنياء بخير، قال: «أَوصِ


(١) مروج الذهب (١/ ٢٩٠).
(٢) أخرجه البخاري حديث (٣٧١٢) وانظر أطرافه: (٣٠٩٣، ٤٠٣٦، ٤٢٤١، ٦٧٢٦).
(٣) أخرجه البخاري حديث (٣٧١٢) وانظر أطرافه: (٣٠٩٣، ٤٠٣٦، ٤٢٤١، ٦٧٢٦).
(٤) الآية (١٨٠) من سورة البقرة.

<<  <   >  >>