للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقلل التواصل إلى حد كبير، دون القطيعة، فإنها غير واردة البتة، ولم تكلمه في أمر الميراث مرة ثانية قناعة منها بما ذكر لها من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والالتزام بالنفقة، وهذا والله هو اللائق ببنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورضي الله عنها، ولو كان أبوبكر - رضي الله عنه - أخطأ فعلا في حقها، فكيف وهو لم يخطئ، وكلما في الأمر أنه أنفذ ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعمل بكتاب الله، وثبت على ذلك، لكن أصحاب الأهواء لا يروق لهم إلا متابعة منهجهم في ثلب الإسلام ورجاله الذين اصطفاهم الله لنقله إلى الناس كافة، كابرا عن كابر، فكان ما ذهبوا إليه طعنا في فاطمة رضي الله عنها قبل أن يكون ثلبا في أبي بكر - رضي الله عنه -، وصاحب الهوى لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة، ولم تكن فاطمة رضي الله عنها وحيدة في أمر المطالبة في الميراث، أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا طالبن أبابكر - رضي الله عنه - بذلك، تقول أم المؤمنين عائشة: أَرسل أَزواج النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عثْمان إلى أَبِى بكرٍ يسألنه ثُمُنهن مما أَفاء اللَّه على رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فكنت أَنا أَردهن، فقلتُ لهن ألا تتَقِينَ الله، أَلم تعلَمن أَن النبِي - صلى الله عليه وسلم - كَان يقول: «لاَ نورث، ما تركنا صدقة - يرِيد بِذلِك نفسه - إِنما يأكل آل محمدٍ فِي هذا الْمالِ» فانتهى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما أخبرتهن (١).

فكانت هذه الصدقة بيد علي - رضي الله عنه - منعها علي عباسا فغلبه عليها، ثم كانت بيد حسن بن علي - رضي الله عنه -، ثم بيد حسين بن علي - رضي الله عنه -، ثم بيد علي بن حسين رحمه الله، وحسن ابن حسن رحمه الله، وكلاهما كانا يتداولانها، ثم بيد زيد بن حسن، وهي صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقا (٢)، فهذا أبو بكر - رضي الله عنه -، وضع صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيد علي - رضي الله عنه -، ولم يرصدها في صدقات بيت مال المسلمين، فأي صدق وإخلاص بعد هذا، وتتوالى الرقابة والتصريف في علي وأبنائه.

أما قوله: «ووددت أني لم أكن حرّقت الفُجَاءة» هو بحير بن إياس، على وزن بعير (٣)، وكان من أمره أنه ارتد، وكوَّن حربة على المسلمين، وقدم إلى قومه بني


(١) أخرجه البخاري حديث (٥٣٥٣) وانظر طرفاه: (٦٧٢٧، ٦٧٣٠).
(٢) أخرجه البخاري حديث (٥٣٥٣) وانظر طرفاه: (٦٧٢٧، ٦٧٣٠).
(٣) تبصير المنتبه بتحرير المشتبه (١/ ١٦).

<<  <   >  >>