للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سليم يدعوهم إلى الردة (١)، وكان من أمره التلبيس على أبي بكر - رضي الله عنه - قال له: إني مسلم وقد أردت جهاد من ارتد من الكفار، فاحملني وأعني، فحمله أبو بكر، على ظهر (٢) وأعطاه سلاحا، فخرج يستعرض الناس المسلم والمرتد، يأخذ أموالهم ويصيب من امتنع منهم، ومعه رجل من بني الشريد يقال له: نُجبة بن أبي الميثاء، فلما بلغ أبا بكر خبره كتب إلى طريفة بن حاجز: أن عدو الله الفجاءة أتاني يزعم أنه مسلم، ويسألني أن أقويه على من ارتد عن الاسلام، فحملته وسلّحته، ثم انتهى إليَّ من يقين الخبر أن عدو الله قد استعرض الناس المسلم والمرتد، يأخذ أموالهم ويقتل من خالفه منهم، فسر إليه بمن معك من المسلمين حتى تقتله، أو تأخذه فتأتيني به، فسار إليه طريفة بن حاجز فلما التقى الناس كانت بينهم الرمي بالنبل، فقتل نُجبة بن أبي الميثاء بسهم رمي به، فلما رأى الفجاءة من المسلمين الجد قال لطريفة: والله ما أنت بأولى بالأمر مني، أنت أمير لأبي بكر وأنا أميره، فقال له طريفة: إن كنت صادقا فضع السلاح وانطلق معي إلى أبي بكر، فخرج معه فلما قدما عليه أمر أبو بكر طريفة بن حاجز فقال: أخرج به إلى هذا البقيع فحرقه فيه بالنار، فخرج به طريفة إلى المصلى فأوقد له نارا فقذفه فيها، فقال خفاف بن ندبة يذكر الفجاءة فيما صنع:

لِمَ يأخذون سلاحه لقتاله ... ولذاكم عند الإله أثام

لا دينهم ديني ولا أنا فاتن ... حتى يسير إلى الطراة شمام (٣).

وفي رواية: جاءت بنو سليم إلى أبي بكر فقالوا: إن العرب قد كفرت فأمدنا بالسلاح، فأمر لهم بسلاح فأقبلوا يقاتلون أبا بكر، فقال لهم عباس بن مرداس:

لِمَ تأخذون سلاحه لقتاله ... ولكم به عند الإله آثام (٤).

تأثم أبو بكر - رضي الله عنه - من التحريق بالنار، لأن العذاب بها توعد الله به العصاة في الآخرة، وقد فعل ذلك علي - رضي الله عنه - حين حرق أناسا من الشيعة قالوا: يا أمير المؤمنين


(١) الإصابة (١/ ٢٥٨).
(٢) أعطاه إبلا يحمل عليها.
(٣) تاريخ الطبري (٢/ ٤٩٢).
(٤) تاريخ دمشق (١٦/ ٢٥٥).

<<  <   >  >>