[ما جاء في الرخصة في الوضوء بسؤر الهرة وغيرها من السباع]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في الوضوء بسؤر الهرة، والدليل على أن خراطيم ما يأكل الميتة من السباع، ومما لا يجوز أكل لحمه من الدواب والطيور إذا ماس الماء الذي دون القلتين ولا نجاسة مرئية بخراطيمها ومناخيرها إن ذلك لا ينجس الماء، إذ العلم محيط أن الهرة تأكل الفأر، وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء بفضل سؤرها، فدلت سنته على أن خرطوم ما يأكل الميتة إذا ماس الماء الذي دون القلتين لم ينجس ذلك، خلا الكلب الذي قد حض النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بغسل الإناء من ولوغه سبعاً، وخلا الخنزير الذي هو أنجس من الكلب أو مثله].
المؤلف قاس الخنزير على الكلب، وبعض الفقهاء قالوا: إن نجاسة الكلب والخنزير تغسل سبع مرات.
أقول: أما الكلب فقد صح أن نجاسته تغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، أما الخنزير فليس هناك دليل يدل على أن نجاسته تغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، وإنما هذا خاص بالكلب، وهذا هو الصواب.
ويقول بعض العلماء: الهرة وما دون الهرة سؤرها طاهر، أما ما كان أكبر منها فلا، والذي أقل منها مثل الفأرة وما أشبهها.
قال: [أخبرنا أبو حاتم محمد بن إدريس أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي حدثنا سليمان بن مسافع بن شيبة الحجبي قال: سمعت منصور بن صفية بنت شيبة يحدث عن أمه صفية عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: (إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل البيت)].
هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك والدارقطني من طريق أبي حاتم الرازي، قال الذهبي في الميزان: سليمان بن مسافع لا يعرف، وأتى بخبر منكر، يعني: هذا الخبر، فهو من أوهامه ومن أغلاطه.
فقوله: لا يعرف، يعني: مجهول.
قال: [أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثني أبي عن عكرمة قال: كان أبو قتادة يتوضأ من الإناء، والهرة تشرب منه، وقال عكرمة: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الهرة من متاع البيت)].
هذا الحديث إسناده ضعيف؛ لأن فيه إبراهيم بن الحكم وهو ضعيف، وأبوه صدوق عابد وله أوهام كما ذكر الحافظ في التقريب.
قال: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي أخبرنا ابن وهب أن مالكاً حدثه عن إسحاق بن عبد الله -وهو ابن أبي طلحة - عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة: (أن أبا قتادة دخل عليها، فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرة تشرب منه، فأصغى لها أبو قتادة الإناء حتى شربت.
قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ قالت: فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات)].
قال المحقق في تخريجه: إسناده صحيح أخرجه الترمذي في باب: ما جاء في سؤر الهرة من طريق مالك.