قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الدليل على أن الاسم باسم المعرفة بالألف واللام قد لا يحوي جميع المعاني التي تدخل في ذلك الاسم، خلاف قول من يزعم ممن شاهدنا من أهل عصرنا ممن كان يدعي اللغة من غير معرفة بها، ويدعي العلم من غير معرفة به، أن الاسم باسم المعرفة يحوي جميع معاني الشيء الذي يوقع عليه باسم المعرفة بالألف واللام، إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد ألقى اسم الإحداث على الريح خاصة باسم المعرفة واسم جميع الأحداث الموجبة للوضوء الريح يخرج من الدبر خاصة، وقد بينت هذه المسألة في كتاب الإيمان.
حدثنا علي بن حشرم أخبرنا عيسى -يعني ابن يونس - عن الأوزاعي عن حسان -وهو ابن عطية - عن محمد بن أبي عائشة حدثني أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يزال العبد في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه ما لم يحدث، والإحداث أن يفسو أو يضرط، إني لا أستحي مما لم يستح منه رسول الله صلى الله عليه وسلم)].
معنى هذا الحديث أن منتظر الصلاة لا يزال في الصلاة بحكم المصلي، والملائكة تدعو له (ما لم يحدث)، فإذا أحدث انتقض وضوءه، وفي اللفظ الآخر:(ما لم يؤذ أو يحدث)، فإذا آذى أحداً بقول أو فعل، أو أحدث وقفت الملائكة عن الدعاء، ولم يكن في حكم المصلي.
والمراد بالحدث: فساء أو ضراط، ويراد به أيضاً البول والغائط، لكن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي هريرة فسراه بالفساء والضراط، أي: بجزء من الحدث.
فالحدث اسم لا يحوي جميع المعاني الداخلة في ذلك الاسم، فلا يحوي البول والغائط والريح، وإنما أطلق على أحدهم وهو الريح، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:(فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، ثم قال:(لا يزال يصلي ما لم يحدث)، فأوقع اسم الحدث على نوع منه وهو الريح.