قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في البول قائماً.
حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا أبو عوانة وحدثنا سلم بن جنادة حدثنا وكيع كلاهما عن الأعمش وحدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة وحدثنا بشر بن خالد العسكري حدثنا محمد - يعني ابن جعفر - عن شعبة عن سليمان وهو الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً ثم توضأ ومسح على خفيه)].
وهذا ثابت في البخاري وأبي داود والنسائي، وفيه جواز البول قائماً إذا أمن من كشف عورته، وإذا تستر واحتاط لنفسه فلا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا لبيان الجواز، قال بعضهم: إنه فعل هذا لوجع في مأبضه، وهو باطن الركبة، أو لوجع في صلبه، أما القول بأن من به وجع في صلبه فإنه يستشفي بالبول قائماً فهذا ضعيف، وليس عليه دليل، والصواب أنه فعل هذا للحاجة، وقد ستره حذيفة رضي الله عنه، قيل: إن السبب في هذا أن المكان غير مناسب للجلوس؛ لأنه يرتد إليه البول، أو لأن المكان صلب، والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا لبيان الجواز، وفعله مرة واحدة، والأكثر من فعله عليه الصلاة والسلام أنه كان يبول قاعداً، وهذا هو الأفضل، ولهذا خفي على عائشة فأنكرت بوله قائماً وقالت:(من حدثكم أن محمداً صلى الله عليه وسلم يبول قائماً فلا تصدقوه، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبول إلا قاعداً) لكن حذيفة مثبت وهي نافية، والمثبت مقدم على النافي؛ فهي إنما أخبرت عما يكون في البيوت، وحذيفة أخبر بما رآه خارج البيوت.
قال: [حدثنا نصر بن علي حدثنا الفضيل بن سليمان أنبأنا أبو حازم قال: (رأيت سهل بن سعد يبول قائماً، فإنه تحدث ذلك عليه، وقال: قد رأيت من هو خير مني فعله).
قوله:(فإنه تحدث ذلك عليه) يعني: تحدث الناس عنه.
قوله:(قد رأيت من هو خير مني فعله).
هذا فيه أن سهلاً أيضاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول قائماً.
هذا الحديث رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد.
إذاً: سهل بن سعد رآه مع حذيفة، والحديث ثابت عن حذيفة، والمحفوظ أنه فعله مرة واحدة، ويحتمل أنه فعله مرة ثانية، أو أن سهلاً كان مع حذيفة إن صح هذا عن سهل.