للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إباحة الوضوء مرة مرة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب إباحة الوضوء مرة مرة، والدليل على أن غاسل أعضاء الوضوء مرة مرة مؤد لفرض الوضوء، إذ غاسل أعضاء الوضوء مرة مرة واقع عليه اسم غاسل، والله عز وجل أمر بغسل أعضاء الوضوء بلا ذكر توقيت].

قال تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:٦]، ولم يقل: مرة ولا مرتين ولا ثلاثاً، فدل على أنه إذا غسله مرة أجزأ عنه ذلك.

قال: [وفي وضوء النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وغسل بعض أعضاء الوضوء شفعاً بعضه وتراً، دلالة على أن هذا كله مباح، وأن كل من فعل في الوضوء ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات مؤد لفرض الوضوء؛ لأن هذا من اختلاف المباح، لا من اختلاف الذي بعضه مباح وبعضه محظور.

قال: أخبرنا نصر بن علي، أخبرنا عبد العزيز الدراوردي، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة)].

وهذا ثابت أيضاً في الصحيحين، كل عضو مرة مرة.

المسح يكون في الرأس خاصة، وهذه مسألة ينبغي التنبيه عليها، وأخبرني بعض الإخوان أنه يرى بعض الناس يأخذ الماء ويمسح وجهه فقط، ويأخذ ماء ويمسح يديه، فصارت الأعضاء كلها ممسوحة، والله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:٦]، ولم يقل: فامسحوا بوجوهكم، ثم قال: {وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة:٦] أي: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ثم قال: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة:٦]، فهذه ثلاثة أعضاء مغسولة، والرابع: ممسوح، لم يقل: امسحوا وجوهكم، بل قال: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:٦]، ولما أراد المسح للأعضاء قال: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة:٦] فلابد من غسل، ولا بد أن يسيل الماء على العضو، لكن لا يلزم من هذا الإسراف، فإذا غسل ولو غسلة خفيفة كفى، أما المسح فلا يجزئ إلا في الرأس.

والغسل يكون بصبه للماء على العضو، لكن المسح أن يبل اليد ثم يمسحها، أما إذا صب الماء على العضو فهذا الغسل، فلا بد من التنبيه على هذا؛ لأن كثيراً من الناس يمسحون.

وإسباغ الوضوء على المكاره، هذا مما يعظم فيه الأجر، فإذا كان الماء حاراً أو بارداً، أو كان الوقت حاراً أو بارداً أسبغ الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>