[تجديد الوضوء]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم على طهر من غير حدث كان مما يوجب الوضوء].
هذا خاص، لكن هذا إذا كان على طهارة توضأ وقد جاء في حديث ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات).
وتحديد الوضوء مشروع إذا طال الفصل من الوضوء الأول مثلاً أو صلى بالوضوء الأول ثم أراد الصلاة، أما إذا توضأ ثم يذهب ويتوضأ مرة أخرى فهذا غير مشروع، لكن إذا طال الفصل وأراد أن يجدد ليتقوى ويزيد نشاطه فلا بأس.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار بندار حدثنا محمد -يعني ابن جعفر - حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة (أنه شهد علياً صلى الظهر ثم جلس في الرحبة في حوائج الناس، فلما حضرت العصر دعا بتور من ماء فمسح به ذراعيه ووجهه ورأسه ورجليه، ثم شرب فضل وضوئه وهو قائم، ثم قال: إن ناساً يكرهون أن يشربوا وهم قيام، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع مثلما صنعت، وقال: هذا وضوء من لم يحدث)].
أي أنه مسح وجهه وذراعيه ورأسه ورجليه وكان على طهارة، ومثله ما جاء في الحديث الآخر أنه مسح على نعليه، وهذا هو التجديد، وهو وضوء الذي لم يحدث.
وأما الشرب قائماً فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائماً لما جاء زمزم وهم يسقون، فأعطوه من زمزم فشرب وهو قائم، فدل على الجواز، وأما النهي عن الشرب قائماً فمحمول على الكراهة.
والأولى والأفضل: الشرب جالساً، وإن شرب قائماً فلا حرج، هذا هو الصواب؛ لأن القاعدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء ثم فعله دل على أن النهي للكراهة.
وقد ذهب العلامة ابن القيم إلى تحريم الشرب قائماً كما في زاد المعاد، والصواب أنه لا يحرم، بل هو مكروه كراهة التنزيه، جمعاً بين الأحاديث.
وقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم (من شرب قائماً فليستقء) أي: يتقيأ، حديث منسوخ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن منصور بن المعتمر عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة، فذكر الحديث وقال: (إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت، وقال: هذا وضوء من لم يحدث)، قال أبو بكر: ورواه مسعر بن كدام عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن علي، وقال: ثم قال: (هذا وضوء من لم يحدث).
حدثنا يوسف بن موسى حدثنا الفضل بن دكين وعبيد الله بن موسى.
وإسناده صحيح كما في الفتح الرباني، وأخرجه النسائي من طريق شعبة في صفة الوضوء من غير حدث، أما رواية جرير فهي في مسند الإمام أحمد وليس فيها (هذا وضوء من لم يحدث)، ورواية مسعر عن عبد الملك أيضاً في مسند الإمام أحمد.