[ما جاء في الفرق بين النبي وأمته في إيجاب الوضوء من النوم]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ذكر ما كان الله عز وجل فرق به بين نبيه صلى الله عليه وسلم وبين أمته في النوم، من أن عينيه إذا نامتا لم يكن قلبه ينام، ففرق بينه وبينهم في إيجاب الوضوء من النوم على أمته دونه عليه الصلاة والسلام.
حدثنا محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد حدثنا ابن عجلان وحدثنا يحيى بن حكيم حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنام عيناي ولا ينام قلبي)] رواه أحمد وهو صحيح.
يعني: لا ينتقض وضوءه عليه الصلاة والسلام، وفي الحديث الآخر: (العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء) وإن كان هذا الحديث فيه كلام، لكن قد ثبت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ ثم قام ولم يتوضأ) وذلك لأن نومه لا ينقض وضوءه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه تنام عيناه ولا ينام قلبه.
قال: [حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي أخبرنا ابن وهب أن مالكاً حدثه عن سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أخبره أنه سأل عائشة: (كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً.
قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة! إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)].
رواه البخاري في التهجد.
وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قد يأتيه الوحي عليه الصلاة والسلام وهو نائم؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي.
فإن قيل: هل في هذا الحديث دليل على جواز صلاة الأربع ركعات بسلام واحد؟ نقول: لا، ليس فيه دليل على ذلك؛ لأن هذا مجمل، والأحاديث الأخرى بينت أن المراد أربع بسلامين، ومنها: قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر في صحيح البخاري: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة) وهذا خبر في معنى الأمر.
أما الوتر فقد أوتر صلى الله عليه وسلم بثلاث وأوتر بخمس وأوتر بسبع فلا بأس، أما أن يصلي شفعاً أربعاً أو ستاً فلا؛ لأن صلاة الليل مثنى مثنى.
وقد جاء في بعض الروايات: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) لكن زيادة: (والنهار) طعن فيها بعض العلماء وقال: إن هذه خطأ، والذي طعن فيها هو النسائي، ولهذا الجمهور يجيزون الصلاة في النهار أربع ركعات بسلام واحد، لكن الأفضل حتى في النهار أن يسلم من كل ركعتين.