قال المصنف رحمه الله تعالى: [جماع أبواب الاستنجاء بالأحجار.
باب الأمر بالاستطابة بالأحجار، والدليل على أن الاستطابة بالأحجار يجزي دون الماء.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ويوسف بن موسى قالا: حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال: (قال له بعض المشركين -وكانوا يستهزءون به-: إني أرى صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة، قال سلمان: أجل أمرنا أن لا نستقبل القبلة، ولا نستنجي بأيماننا، ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم).
غير أن الدورقي قال: قال بعض المشركين لـ سلمان].
هذا الحديث فيه تحريم استقبال القبلة في حال قضاء الحاجة، وهذا إذا كان في غير البنيان، أما في البنيان فإنه يجوز جمعاً بين الأحاديث في أصح الأقوال.
وفيه تحريم الاستنجاء باليمين، بل يستنجي بيده اليسار؛ لأن اليمين تكون للتكريم للإعطاء والأخذ، وقد (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله)، وكذلك فيه أنه لا يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار إذا استنجى بالأحجار، واكتفى بها عن الماء، فلا بد أن تكون ثلاثة أحجار فأكثر، ولا يكتفي بالحجرين، أما إذا أراد أن يستنجي بالماء بعد ذلك فله أن يستجمر بالحجر أو الحجرين ثم يستنجي بالماء، ولا بد أن تكون الأحجار منقية، فإن لم ينق بثلاث زاد رابعاً، فإن أنقى بالرابع فإنه يستحب أن يزيد الخامسة حتى يقطع الشك وتكون وتراً.
ويشترط أيضاً: ألا يتعدى الخارج موضع العادة بألا ينتشر الغائط إلى الصفحتين، والبول لا يتجاوز الحشفة التي هي رأس الذكر.
ولابد أن يكون المستجمر به ليس روثاً ولا عظماً؛ لأنه قد جاء النهي عنهما في السنة، والعظم يعود أوفر ما كان لحماً ويكون زاداً لإخواننا من الجن، وكذلك رجيع الدابة يكون علفاً لدوابهم فيعود إليه حبه الذي أكل منه.