[ما جاء في الأمر بالتسمية عند تخمير الأواني وبيان العلة التي من أجلها أمر النبي بتخمير الإناء]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بتسمية الله عز وجل عند تخمير الأواني، والعلة التي من أجلها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخمير الإناء.
حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج أخبرني عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغلق بابك، واذكر اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح مغلقاً، وأطفئ مصباحك، واذكر اسم الله، وأوكئ سقاءك، واذكر اسم الله، وخمر إناءك، واذكر الله، ولو بعود تعرضه عليه)].
هذا الحديث فيه مشروعية ذكر الله عند هذه الأشياء، عند إيكاء السقاء، وإطفاء المصباح، وغلق الأبواب، وتخمير الإناء.
قال: [أخبرنا يوسف بن موسى أخبرنا جرير عن فطر بن خليفة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغلقوا أبوابكم، وأوكئوا أسقيتكم، وخمروا آنيتكم، وأطفئوا سرجكم؛ فإن الشيطان لا يفتح مغلقاً، ولا يحل وكاءً، ولا يكشف غطاءً، وإن الفويسقة ربما أضرمت على أهل البيت بيتهم ناراً، وكفوا فواشيكم وأهليكم عند غروب الشمس إلى أن تذهب فجوة العشاء)].
جاء في الحديث الآخر: (أنه احترق بيت على أهله في المدينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن هذه النار عدو لكم فأطفئوها) فالفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم.
قوله: (وكفوا فواشيكم وأهليكم عند غروب الشمس إلى أن تذهب فجوة العشاء).
قال: (فجوة) وفي اللفظ الآخر: (كفوا صبيانكم حتى عند الغروب حتى تذهب فحمة العشاء).
قوله: (فواشيكم) لعلها صبيانكم، كما في اللفظ الآخر: (كفوا صبيانكم حتى تذهب فحمة العشاء).
قال: [قال يوسف: فحوة العشاء، وهذا تصحيف، وإنما هو فجوة العشاء، وهي اشتداد الظلام.
قال أبو بكر: ففي الخبر دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بتغطية الأواني وإيكاء الأسقية؛ إذ الشيطان لا يحل وكاء السقاء، ولا يكشف غطاء الإناء، لا أن ترك تغطية الإناء معصية لله عز وجل، ولا أن الماء ينجس بترك تغطية الإناء؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلم أن الشيطان إذا وجد السقاء غير موكأ شرب منه، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإيكاء السقاء، وتغطية الإناء، وأعلم أن الشيطان إذا وجد السقاء غير موكأ شرب منه، كان في هذا ما دل على أنه إذا وجد الإناء غير مغطى شرب منه].
يعني: أن الحكمة من تغطية الإناء: هي منع الشيطان من أن يشرب من الإناء، وغير ذلك.
قال: [حدثنا بالخبر الذي ذكرت من إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إذا وجد السقاء غير موكأ شرب منه].
قال: [أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني أبو هشام أخبرنا إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه عن أبيه عقيل عن وهب بن منبه قال: هذا ما سألت عنه جابراً بن عبد الله الأنصاري، وأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (أوكوا الأسقية، وغلقوا الأبواب إذا رقدتم بالليل، وخمروا الشراب والطعام، فإن الشيطان يأتي، فإن لم يجد الباب مغلقاً دخله، وإن لم يجد السقاء موكأً شرب منه، وإن وجد الباب مغلقاً والسقاء موكأ لم يحل وكأ ولم يفتح مغلقاً، وإن لم يجد أحدكم لإنائه ما يخمر به، فليعرض عليه عوداً)].
يعني: أن الحكمة من ذلك: أن الشيطان يشرب من الماء الذي لم يوكأ، أو لم يغط، ويدخل من الباب الذي لم يغلق.