الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه الصحيح قال: كتاب الوضوء مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنقل العدل عن العدل، موصولاً إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطع في أثناء الإسناد، ولا جرح في ناقلي الأخبار التي نذكرها بمشيئة الله تعالى].
هذا هي طريقته رحمه الله؛ لأنه لم يذكر خطبة هنا، لكنه ذكر من هذا المختصر من المختصر، فهو اختصر الصحيح، فجمع أحاديث كثيرة، ثم اختصرها في أحاديث، ثم اختصر هذا المختصر، فاسمه مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسماه المسند الصحيح أي: الحديث مسنده صحيح.
وقوله:[بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطع في أثناء الإسناد] أي: ليس فيه إرسال ولا انقطاع.
وقوله:[ولا جرح في ناقلي الأخبار] أي: لا يكون الراوي لها مجروحاً.
وقد ذكر المقدم محمد مصطفى الأعظمي مقدمة طويلة منها: أنه لم يرد في قائمة مؤلفاته التي سبقت ذكر لصحيح ابن خزيمة، إذ لم يشر إليه ابن خزيمة في كتاب التوحيد، رغم مكانة هذا الكتاب بين مؤلفاته، فما هو السر؟! في الواقع أن ابن خزيمة لم يسم كتابه باسم الصحيح، كما أن ابن حبان لم يسم كتابه صحيح ابن حبان، بل إن البخاري نفسه لم يسم كتابه بصحيح البخاري، بل سماه الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، وسمى ابن حبان كتابه بالمسند الصحيح على التقاسيم والأنواع، وكذلك سمى ابن خزيمة كتابه بمختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذه الكتب اشتهرت مؤخراً باسم الصحيح، ولم أجد أحداً من المتقدمين سمى كتاب ابن خزيمة باسم الصحيح، قال الخليلي في الإرشاد: وآخر من روى عنه -أي عن ابن خزيمة - بنيسابور سبطه محمد بن الفضل، روى عنه مختصر المختصر وغيره.
وقال البيهقي في السنن الكبرى: رواه محمد بن خزيمة في مختصر المختصر، وبهذا الاسم ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء، فقال: وقد سمعنا مختصر المختصر له عالياً، أما الخطيب البغدادي فلم يسم لنا اسم الكتاب، ولكنه ذكر في معرض ما حقه التقديم في السماع، فقال: أحقها بالتقديم: كتاب الجامع والمسند في الصحيحين لـ محمد بن إسماعيل، ومسلم بن الحجاج النيسابوري، وكتاب محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري الذي يشترط فيه على نفسه إخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هذا كلام الخطيب البغدادي.
وذكر ابن الصلاح هذا الكتاب فيمن اشترط جمع الصحيح في كتبه، وقال: ككتاب ابن خزيمة، ولكنه في وقت متأخر نسبياً بدأ يشتهر الكتاب باسم: صحيح ابن خزيمة، ويستعمل المنذري المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة في كتابه الترغيب والترهيب اسم الصحيح، فيقول ورواه ابن خزيمة في صحيحه نحو هذا وكذلك في أماكن أخرى من هذا الكتاب، ويقول الدمياطي: إن كتاب صحيح ابن خزيمة لم يقع له منه إلا ربعه الأول، وقال التركماني: ولهذا أخرج أبو بكر بن خزيمة في صحيحه، ويسميه الزيلعي في نصب الراية باسم: صحيح ابن خزيمة، وبهذا الاسم ذكره ابن حجر والسيوطي وابن فهد والآخرون، لكن الكتاب الذي اشتهر على ألسنة العلماء والمحدثين باسم: صحيح ابن خزيمة، يبدو أن مؤلفه سماه بمختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.