تكلم المقدم محمد الأعظمي عن المسند الكبير لـ ابن خزيمة وقال: رأينا أن ابن خزيمة أشار إلى كتابه الكبير في كتاب التوحيد، وكذلك ذكره مراراً بهذا المختصر أيضاً.
وهنا ينشأ سؤال آخر: هل ألف ابن خزيمة المسند الكبير أولاً ثم اختصر منه هذا الصحيح، أو كان المسند الكبير في شكل المسودات؟ كان يزيد فيه أشياء ويحذف منه، ثم اختصر منه هذا المختصر؟ يستعمل ابن خزيمة عادة صيغة الماضي فيقول: قد خرجت وخرجته، وما شاكل ذلك من الكلمات، وهي تشير إلى أنه كان قد أكمل المسند الكبير، لكنا نجده أحياناً قد غير أسلوبه فيقول في المختصر: قد خرجت باب المشي إلى المساجد في كتاب الإمامة، ثم يقول في صفحة مائتين واثنين وستين: وسأخرج هذه الأخبار أو بعضها في كتاب الإمامة، لكنه يعود فيقول بعد قليل في صفحة مائتين وثلاث وستين: قد خرجت طرق هذا الخبر في كتاب الإمامة، ويذكر بعد ذلك في صفحة مائتين وست وسبعين فيقول: قد بينت في كتاب الإمامة، علماً بأن كتاب الإمامة متقدم مئات الصفحات على هذه الأبواب التي وردت فيها الإشارة إلى كتاب الإمامة، بالرغم من هذا يقول مرة: قد خرجت، ويذكر مرة ثانية فيقول: سأخرج هذه الأخبار.
والآن يمكننا أن نلخص فنقول: أولاً: إن هذا الكتاب مختصر من مسنده الكبير.
أي مختصر من المختصر.
ثانياً: إن المسند الكبير لم يكن قد تم تأليفه، بل كان يضيف إليه الأشياء حسبما يتراءى له، وربما أضاف أشياء إلى المختصر لم يضفها إلى المسند الكبير].
هذا كلام مقدم الكتاب: محمد الأعظمي، والحقيقة أن المؤلف رحمه الله ما أضاف أشياء إلى المختصر لم يضفها إلى المسند الكبير، وإنما اختصر من المسند الكبير: المختصر، ثم اختصر المختصر، ولم يشر إلى أنه اختصر المسند الكبير من المختصر.
فالمقدم جعل هذا الكتاب هو مختصر، وظاهره أن المسند الكبير مختصر المختصر، ثم اختصره من المختصر، وهذا لم يشر إليه المؤلف رحمه الله، وهو خطأ، بل الظاهر أنه جمع المسند الكبير، ثم اختصره، ثم اختصر المختصر منه، أي: إنه مثلاً جمع المسند الكبير في ستين ألف حديث، ثم اختصر منه مثلاً ثلاثين ألف، ثم اختصر المختصر إلى عشرة آلاف، فهذا هو مختصر المختصر.