قال المؤلف رحمه الله تعالى: [جماع أبواب الآداب المحتاج إليها في إتيان الغائط والبول إلى الفراغ منها.
باب التباعد للغائط في الصحاري عن الناس.
حدثنا علي بن حجر السعدي حدثنا إسماعيل - يعني ابن جعفر - حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب المذهب أبعد)].
الحديث إسناده حسن، أخرجه الترمذي وأبو داود، وأظن أن النسائي أخرجه.
هذا الحديث فيه مشروعية البعد عند قضاء الحاجة، وأنه يشرع للإنسان إذا قضى حاجته أن يكون بعيداً عن الناس في الصحراء، لما ورد في الحديث الآخر:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوارى عن الناس حتى لا يسمع له صوت ولا ترى له عورة) إذاً: من السنة البعد عن الناس عند قضاء الحاجة، أما ما ثبت في الحديث:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً) فهذا خاص، أو أنه في بعض الأحيان للحاجة، ولعله طال مقامه عليه الصلاة والسلام في البلد فأتى هذه السباطة، ولم يكن الجلوس مناسباً فستره حذيفة وأمامه الجدار من الجهة الأخرى، فلا بأس بالبول قائماً إذا تستر عن الأعين، وكانت الحاجة داعية إلى هذا، والبول قاعداً هو الأفضل وهو الأكثر من فعله عليه الصلاة والسلام، أما البول قائماً فلم يفعله عليه الصلاة والسلام إلا مرة واحدة.
قال: [حدثنا بندار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا أبو جعفر الخطمي قال بندار: قلت لـ يحيى: ما اسمه؟ فقال: عمير بن يزيد قال: حدثني عمارة بن خزيمة والحارث بن فضيل عن عبد الرحمن بن أبي قراد قال: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته خرج من الخلاء، وكان إذا أراد حاجة أبعد)].
قوله:(كان أراد حاجة أبعد) يعني: هذه عادته المستمرة؛ لأن (كان) تفيد الاستمرار والدوام.
وسيأتي في حديث حذيفة أنه بال قائماً عند الحاجة، وإلا الأكثر أنه كان يتباعد.