[ما جاء في استحباب الوضوء من مس الذكر]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب استحباب الوضوء من مس الذكر.
حدثنا محمد بن العلاء بن كريب الهمداني ومحمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي قالا: حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن مروان عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ).
أخبرنا أبو طاهر حدثنا أبو بكر قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى الصدفي يقول: أخبرنا ابن وهب عن مالك قال: أرى الوضوء من مس الذكر استحباباً ولا أوجبه].
قال المؤلف في الترجمة: (باب استحباب الوضوء من مس الذكر) والصواب أنه إذا مس ذكره بيده وليس هناك حائل فإنه يجب الوضوء؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب.
ومن العلماء من قال: إنه لا ينقض الوضوء، واستدل بحديث طلق بن علي: (لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر قال: إنما هو بضعة منك)، ولكن الصواب أن حديث بسرة مقدم على حديث طلق؛ لأن حديث طلق بن علي قاله النبي صلى الله عليه وسلم قديماً عندما كان يبني مسجده، وحديث بسرة متأخر، قال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب، أما حديث طلق بن علي فقد قال البخاري: إنه منسوخ؛ لأنه متقدم، وحديث بسرة متأخر، ثم أيضاً حديث طلق بن علي يبقى على الأصل، وحديث بسرة ناقل والشريعة ناقلة ويفيد الوضوء.
إذاً: الصواب أن مس الذكر ينقض الوضوء، وأنه واجب ليس مستحباً كما ترجم له ابن خزيمة رحمه الله.
كذلك يجب الوضوء من مس الذكر، سواء مس ذكره أو ذكر غيره كالطفل وغيره، فإذا مسه من دون حائل انتقض وضوءه، وهذا هو الصواب.
ومن العلماء من قال: إنه لا ينقض الوضوء إلا إذا مسه بشهوة وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
فالأقوال ثلاثة: القول الأول: أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً بشهوة وبغير شهوة.
الثاني: أنه ينقض إذا كان بشهوة، ولا ينقض بدون شهوة.
الثالث: أنه ينقض مطلقاً، وهذا إذا مسها بدون حائل.
أما إذا كان من وراء حائل لا ينقض، من وراء القفازين أو من وراء الثياب، إنما ينقض الوضوء إذا مس اللحم اللحم.
فالصواب من الأقوال الثلاثة: أنه ينقض مطلقاً؛ لحديث بسرة: (من مس ذكره فليتوضأ)، أما حديث طلق بن علي فقد قال بعض أهل العلم: إنه منسوخ، وعلى القول بأنه ليس منسوخاً فيقدم عليه حديث بسرة؛ لأنه ناقل عن الأصل، وحديث طلق باق على الأصل، والشريعة ناقلة.
وحديث بسرة: (من مس ذكره فليتوضأ) مطلق، والتقييد بالشهوة يحتاج إلى دليل.
قال: [حدثنا علي بن سعيد النسوي قال: سألت أحمد بن حنبل عن الوضوء من مس الذكر فقال: أستحبه ولا أوجبه.
قال: وسمعت محمد بن يحيى يقول: نرى الوضوء من مس الذكر استحباباً لا إيجاباً بحديث عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو بكر: وكان الشافعي رحمه الله تعالى يوجب الوضوء من مس الذكر اتباعاً لخبر بسرة بنت صفوان لا قياساً.
قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول؛ لأن عروة قد سمع خبر بسرة منها، لا كما توهم بعض علمائنا أن الخبر واه لطعنه في مروان].
هذا مخالف للترجمة؛ لأن الترجمة فيها الاستحباب، وهنا قال: إنه يقول بقول الشافعي، والشافعي يقول بالوجوب.