للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "هذا سياق حديثه، فجمع أنس -رضي الله عنه- في هذا الحديث الصحيح بين الإخبار بإيجازه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصلاة وإتمامها، وبين فيه أن من إتمامها الذي أخبر به إطالة الاعتدالين حتى يظن الظان أنه قد أوهم أو نسي من شدة الطول فجمع بين الأمرين في الحديث وهو القائل ما رأى أوجز من صلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أتم، فيشبه أن يكون الإيجاز عائد إلى القيام والإتمام إلى الركوع والسجود والاعتدالين بينهما لأن القيام لا يكاد يفعل إلا تامًا فلا يحتاج إلى الوصف بالإتمام بخلاف الركوع والسجود والاعتدالين، وسر ذلك أنه بإيجاز القيام وإطالة الركوع والسجود والاعتدالين تصير الصلاة تامة لاعتدالها وتقاربها فيصدق قوله: "ما رأيت أوجز ولا أتم من صلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وهذا هو الذي كان يعتمده صلوات الله عليه وسلامه في صلاته، فإنه كان يعدلها حيث يعتدل قيامها وركوعها وسجودها واعتدالها .. إلخ كلامه رحمه الله تعالى.

فكلام ابن القيم -رحمه الله تعالى- في غاية التحقيق، فغالب صلاة الناس اليوم خلاف ما ذكره ابن القيم عن صلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فترى أكثر الناس إن قام قيامه نقر ركوعه وسجوده، وبعضهم شر من ذلك فينقر قيامه وركوعه وسجوده.

ومما يؤكد أن التخفيف ليس ما يفعله بعض الناس اليوم. قول أنس -رضي الله عنه-: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمرنا بالتخفيف، ويؤمنا بالصافات، ولا شك ولا ريب أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرحم الخلق بأمته {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨].

ومع ذلك فانظر إلى فعله وقوله تجد أن ذلك يؤكد أن أمر التخفيف ليس كما يفهمه أكثر الناس اليوم.

- ومن المخالفات المتعلقة بأمر النساء أيضًا: ما يقوم به بعضهن من تأخيرهن الصلاة المفروضة حتى يُصلي الرجال وأن من صلى من النساء قبل صلاة الرجال فقد أخطأت.

- تحريك الكفين عند السلام من الصلاة من جهة اليمين عند السلام جهة اليمين، ومن جهة الشمال عند السلام جهة الشمال، وقد جاء النص الصريح في النهي عن ذلك.

فقد كان الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- يُشيرون بأيديهم إذا سلموا، فرآهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس، إذا سلم أحدكم فليلفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده". الحديث أخرجه مسلم.

ومعنى شُمْس: جمع شموس وهو النفور من الدواب الذي لا يستقر لشغبه وحدته. كذا قال ابن الأثير في النهاية.

- هز الرأس في أثناء السلام من الصلاة: فيلاحظ على بعض المصلين أنه عند سلامه من صلاته يرفع رأسه ثم يخفضه ويستمر حتى يفرغ من سلامه.

وهذا الفعل خلاف ما ورد عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أئناء سلامه من الصلاة فقد روى أبو داود، والنسائي، والترمذي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمه الله، حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره: السلام عليكم ورحمه الله، حتى يرى بياض خده الأيسر. فلم يذكر فيه هز للرأس، فعلم أن ذلك خلاف السنة.

<<  <   >  >>