للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومن المخالفات أيضًا: أن بعض الناس يتحرج من الصلاة إذا كان بينه وبين الحمام جدار.

ونسوق هنا فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله تعالى- تتعلق بهذا الموضوع، قال السائل: هل تجوز الصلاة في مكان تقع أمامه دورة مياه، ولا يفصل بينهما سوى حائط فقط؟ وهل الأفضل الصلاة في مكان آخر؟

فأجاب سماحته بما نصه:

"لا مانع من الصلاة في الموضع المذكور إذا كان طاهرًا ولو كانت دورة المياه أمامه، كما تجوز الصلاة في أسطح دورات المياه إذا كانت طاهرة في أصح قولي العلماء، والله ولي التوفيق". مجلة الدعوة عدد ١١٩١ في ١٣/ ١٠/١٤٠٩هـ.

- ومن المخالفات أيضًا: قول بعض الناس عند إقامة الصلاة: "أقامها الله وأدامها" وحجتهم في ذلك ما رواه أبو داود في سُننه عن أبي أمامة، أو عن بعض أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن بلالًا أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أقامها الله وأدامها".

وهذا حديث ضعيف لا يُعتمد عليه.

- ومن المخالفات أيضًا: أن بعض الناس لا يقوم عند الإقامة إلا عند قول المُقيم: قد قامت الصلاة.

ويعتقد أن هذا هو السنة، والحق أن فعله على غير صواب، قال الإمام مالك رحمه الله: وأما قيام الناس حين تقام الصلاة فإني لم أسمع في ذلك بحد يقام له إلا أني أرى ذلك على قدر طاقة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف ولا يستطعون أن يكونوا كرجل واحد. اهـ الموطأ (ص ٦٧).

- ومن المخالفات أيضًا: عدم فهم المراد بتخفيف الصلاة الوارد في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا صلى أحدكم للناس فليُخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير ... " الحديث أخرجه البخاري، ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-.

وكذلك عتابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمعاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- عندما أطال الصلاة فقال له: "فتان، فتان، فتان -ثلاث مرات- أو قال: فاتنًا فاتنًا فاتنًا". وأمره بسورتين من أوسط المفصل.

فبهذين الحديثين يحتج كثير من الناس على إطالة الإمام الصلاة، وقبل النظر في احتجاجهم ينبغي أن يعرف ما ضابط التخفيف:

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في أثناء كلامه عن صلاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ما نصه: ففي الصحيحين من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوجز الصلاة ويكملها" وفى الصحيحين عنه أيضًا قال: "ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

زاد البخاري: "وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تُفتن أمه"، فوصف صلاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالإيجاز والتمام، والإيجاز هو الذي كان يفعله لا الإيجاز الذي كان يظنه من لم يقف على مقدار صلاته فإن الإيجاز أمر نسبي إضافي راجع إلى السنة لا إلى شهوة الإمام ومن خلفه.

ثم ساق حديث أنس أيضًا فيه: ما صليت خلف رجل أوجز صلاة من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في تمام، وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قال: سمع الله لمن حمده، قام حتى نقول: قد أوهم، ثم يكبر، ثم يسجد، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم.

<<  <   >  >>