للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الإتيان به فلزمه، والعجز عن الإتيان ببعض أركان الصلاة لا يقتضي سقوط سائرها، وذلك لأن القيام ركن من أركان الصلاة قال الله تعالى: {وَقُومُوا لله قانتينَ} [البقرة: ٢٣٨] وعن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنه- قال: كانت بي بواسير فسألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الصلاة؟ فقال: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب". رواه البخاري.

- ومن المخالفات أيضًا: عدم تقديم الأقرأ إذا كان صغير فتجد أن بعض المصلين إذا حضرتهم الصلاة ولم يحضر إمامهم الراتب أو كانوا مثلًا خارج المدينة فحضرت الصلاة لا ينظرون إلى أقرأهم، بل لا يترددون في تقديم الأكبر سنًا ولو كان هناك أقرأ منه، بل قد يكون ذلك الكبير لا يُحسن قراءة الفاتحة.

المهم أن الصغير عندهم لا يتقدم مع وجود الكبير لأن بعض الناس يعتبر ذلك نقصًا في حقه وحق غيره من المأمومين.

وفعلهم ذلك مُخالف لصريح قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم". رواه أحمد، ومسلم، والنسائي، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه-.

وعن أبي مسعود عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ... الحديث". رواه أحمد ومسلم.

فهذان الحديثان صريحان على أن الأقرأ هو الأحق بالإمامة ومما يزيد ذلك تأكيدًا أنه قدم الأقرأ على كبير السن، فقد ورد في لفظ الحديث: "فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنًا" فجعل مرتبة السن في المرتبة الرابعة بعد القراءة والعلم بالسنة وقدم الهجرة.

جاء في إجابات اللجنة الدائمة: "تصح إمامة الصبي الذي يعقل لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... " الحديث.

ولما ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: قدم أبي من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إذا حضرت الصلاة فليؤمكم أكثركم قرآنًا". قال: فنظروا، فلم يجدوا واحدًا أكثر مني قرآنًا، فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين (١).

- ومن المخالفات أيضًا: عدم التزين بالملابس في الصلاة وقد جهل أو تجاهل هذا الأمر كثير من المسلمين، فتجد أن بعضهم يحضرون إلى الصلاة خاصة صلاة الفجر بملابس النوم أو ملابس رديئة لو أُعطي أحدهم وزنه ذهبًا وطلب منه أن يذهب بتلك الملابس إلى مكان عمله أو إلى وليمة من الولائم لامتنع أشد الامتناع، وهذا لا ينكر عليه، فإن الله جميل يحب الجمال.

إلا أن التزين عند الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة مطلوب من المسلم، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١].

وأخرج الطحاوي، والبيهقي، والطبراني عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا صلى أحدكم فيلبس ثوبيه، فإن الله أحق من تزين له".


(١) مجلة البحوث: (٢١/ ٧٤).

<<  <   >  >>