الأول: يعني: به الله تعالى، قال:(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ) قالوا: معناه لو اتبع الله أهواءهم، ويجوز أن يكون الحق هاهنا هو الحق في قوله تعالى:(بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ)(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ) أي: لو كان التنزيل بما يحبون لفسدت الأمور، وفسر قوله أيضا:(وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) أي: أن الله واحد، وهذا بعيد، والصحيح أن بعضهم يوصي بعضا باستعمال الحق وترك تجاوزه.
الثاني: القرآن، قال الله:(حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ) يعني: القرآن قالوا: هذا سحر، وإنما سموه سحرا لخفاء مسلكه عندهم، وقال:(بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ) وقال: (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى) أولم يكتفوا من الدلالة بالقرآن مع عجزهم عنه فطلبوا مثلا آيات موسى فأخبرهم أنهم مع تلك الآيات أيضا كفروا على الحجة في القرآن أبلغ منها في قلب العصا حية؛ لأن التحدي بالقرآن قد وقع على قوم كان صناعتهم الكلام.
وكان السحر في أيام موسى عليه السلام في القليل من الناس كهو فينا اليوم، ولأن القرآن يبقى على الأيد ويقف عليه في الأطراف، من لا يقف على أمر للعصا إلا بالإخبار.
الثالث: الإسلام، قال الله تعالى:(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) يعني: مجيء الإسلام وذهاب الشرك، والزهوق الهلاك، وقال:(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ) أي: ثبت الإسلام ويزيل الشرك.
الرابع: العدل، قال الله:(يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ) أي: جزاءهم العدل: (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) وقربت منه: (بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ) أي: [بالمعجِز]، ويجوز أن يكون [الحق] عنى بالصدق، ويجوز أن يكون الحق هاهنا خلاف الباطل؛ لأنه قال:(وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) على حسب ما تقول: الحق مر