وفي هذا دليل على صحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه خبر وقع مخبره على ما أخبر به، ومثله:(يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ) أي: عالين قاهرين، ومثله:(فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).
السادس: الباطل؛ قال أهل التفسير في قوله:(أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) أي: بباطل، وأم هاهنا بمعنى بل، ومنه قوله:(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) أي: بل أنا خير لأنه قال: أيخبرونهم بما لا يعلم في الأرض بل يقول؛ زائل باطل لا [يثبت]، وهو ادعاؤكم لهم الإلهية.
وأصل هذه الكلمة عندنا من قولهم: أنت عليَّ كظهر أمي، وكان من طريق الجاهلية، وصار في الإسلام فيه كفارة صورتها معروفة ونزلت في خولة بنت ثعلبة، وأوس بن الصامت.
السابع: بمعنى الإعراض عن الشيء؛ قال:(وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا) أي: جعلتموه وراء ظهوركم؛ يعني: أنكم تركتم العمل به، ويقال: جعلت حاجتي تظهر إذا اطرحتها ولم تلتفت إليها.
والاتخاذ: أخذ الشيء لأمر يستمر، وقيل: الظهري؛ ما جعل وراء الظهر وقد ظهرته أي؛ جعلته كذلك، وقيل: معناه أنه ثقل عليكم، من قول العرب: حملت فلانا على ظهري إذا ثقل عليك، ويقال أيضا: ظهر بفلان؛ إذا لم يلتفت إليه، قال الشاعر:
جَدَّ تَأمرُ بَني البر شَاءَ من وَلَدِ الظهرِ
أي: الذين يظهر بهم ولا يلتفت إلى أرحامهم، والظهري في غير هذا الموضع: العون، ومنه الظاهري في الدواب.