والاستفعال في الأصل للطلب ثم استعمل في غير ذلك، ففقل: استحسن الشيء واستقبحه. وقيل: فعلته طوعا. أي: فعلته في سهولة، ومثله:(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) أي: سهلته عليه، ومن هذا الوجه أيضا لا يقال لله مستطيع، كما لا يقال: أن هذا الفعل سهل عليه، ومن أجل أن استطاع طلب ذلك ولا يوصف اللَّه بأنه يطلب القدرة على الفعل ويطلب السهولة أو انطباع الفعل.
وقيل: طوعت: حسنت وزيتت، وهذا على المعنى وليس على اللفظ.
وقيل: طوعت: شجعت؛ وطوعت السقاء ملأته، وهو طواع الكف، أي: ملؤها، وطاع له الشيء إذا أتاه طوعا، وقيل: طوعت: له أطاعته وتابعته، وقرئ:(فَطَاوَعَتْ).
والاستطاعة في القرآن على أربعة أوجه:
الأول: السعة في المال، قال الله تعالى:(وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ). أي: لخرجنا معكم إلى تبوك، يعنون سعة ذات اليد للخروج وتخفيف النفقة للعيال. وقوله تعالى:(مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا). وتدخل في هذا سعة ذات اليد، وصحة البدن، وأمن الطريق، وتمام الوقت.
وقال:(لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً). أي: لا يجدون سعة يستعينون بها على الهجرة، ويجوز أن يكون أراد عدم الصحة والقوة على السفر، أو عنى أنهم ممنوعون من الخروج ببعض الموانع الكائنة من جهة الكفار.
وقوله تعالى:(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا). والطول: السعة، وتطول الرجل أفضل من سعة وليس فيه طائل يرجع إلى هذا، أي: إذ لم تستطيعوا نكاح الحرائر لتعذر النفقة عليكم فانكحوا الأيامى ليقع الانتفاع لكم بهن وتكون نفقتهن على مواليهن ويقل مهرهن.