وقال: بعضهم: لا يجوز نكاح الأمة مع وجود الطول. وليس كذلك؛ لأن القدرة على نكاح امرأة " لا تحرم نكاح أخرى، قال الله تعالى:(وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ) فعم.
الثاني: الطاقة، قال تعالى:(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) فلو كانت الاستطاعة مع الفعل لكانوا عاجزين إذ لم يفعلوا؛ لأن الفعل معدوم، وإذا عدم الفعل عدم الاستطاعة، ولكان أيضا من وجد الزاد والراحلة وتمام الوقت، وهو صحيح البدن وعطل الحج ثم مات لكان معذورا؛ لأنه كان عاجزا وإنما يكون مستطيعا عند خصومنا في وقت وجود الحج ولا لوم على العاجز.
وقد أخبر الله تعالى أنهم لا يستطيعون السجود في الآخرة، فدل على أنهم كانوا يستطيعونه في الدنيا؛ لقوله:(وَهُمْ سَالمُونَ). وإلا فليس للكلام معنى يفهم.
وقوله تعالى:(فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ). أي: لم يطيقوا القيام لعذاب الله، ومثله (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ).
وقوله تعالى:(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). واسطاعوا: لغة في استطاعوا، يقال: اسطعت الشيء واستطعته.
وقوله:(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ). أي: لا تطيقون ذلك في الحد، هذا في الرجل له زوجتان وثلاث وأربع، قال: وليس يستطيع أن يسوي بينهن في الشهوة، فتشتهي هذه كما تشتهي تلك؛ لأن الشهوة ليست من فعله فعذره فيما لا يستطيع واسع، وليس كما يذهب إليه المجبرة في أنه تعالى كلفه العدل بينهن، وهو لا يستطيعه، ألا ترى أن قوله:(فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ). دلالة على أنه في بعض الميل معذور، وهو الذي لا يستطيع خلافه، والمعنى النهي عن إيثار إحداهن للشهوة فيها والانصراف عن الأخرى حتى تصير كالمعلقة لا المتزوجة ولا المطلقة.