للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث الإخبار عن وقوع الساعة يوم الجمعة]

الحديث الحادي عشر: أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت عليه الشمس هو يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة).

والدعاوى الفارغة التي تظهر في الصحف والمجلات ويروجها الفساق والملاحدة والزنادقة ما بين الحين والحين من أن الساعة ستقوم يوم ١٧ فبراير أو يوم الإثنين القادم أو يوم السبت بعد القادم، قد عاصرناها، ومصدرها بلاد الكفر، يروجونها ليشوشوا بها عقائد المسلمين، وليس لنا عذر في ترك التعلم، وخاصة ما أوجب الله تبارك وتعالى علينا تعلمه من أمر الغيب الذي تعلق بالساعة، فنؤمن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنها تقوم في يوم جمعة، وتقوم في النهار دون الليل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خير يوم طلعت عليه الشمس).

واليوم يطلق في اللغة والاصطلاح على النهار دون الليل، فقال: (ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة).

فهذا دليل على أن الساعة تقوم في يوم جمعة، وأما أي جمعة فهذا ما استأثر الله تبارك وتعالى به، وقد ورد في بعض الروايات والطرق: (إن كل شيء يشفق في صبيحة الجمعة حتى ممسى اليوم من أن تقوم الساعة في ذلك اليوم إلا الإنس والجن)، وفي رواية ضعيفة عند أبي نعيم: (لا تقوم الساعة إلا نهاراً)، ويغني عن هذه الرواية الضعيفة ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة: (خير يوم طلعت عليه الشمس)، فاليوم كاف في إثبات أن القيامة إنما تقوم في النهار دون الليل.

قال شيخ الإسلام ابن القيم حول سؤال من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! ما أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه): لا جواب لهذه المسألة؛ لأنه إن أراد أقصى مدة الدنيا وانتهائها فلا يعلمه إلا الله.

وإن أراد أقصى ما نحن منتهون إليه بعد دخول الجنة والنار فلا تعلم نفس أقصى ما تنتهي إليه من ذلك، وإن كنا ننتهي إلى نعيم وجحيم، ولهذا لم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم على سؤاله.

هذا ما أردت بيانه في عقيدة أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بالغيب الذي استأثر الله تبارك وتعالى بعلمه، وأكتفي بذكر ما أوردت من أدلة خشية الملل والطول، وما ذكرت فيه غنية وكفاية.

لا يجوز لأحد أن يخوض في شيء من علم الغيب الذي استأثر الله تبارك وتعالى به، لا بالقول ولا بالفعل ولا بالتصنيف وتشويش عقائد المسلمين، وإنما عليه أن يقف، ويسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم ووسع الرسل جميعاً وعباد الله العلماء والصالحين منهم، ويتوقف ويقول: آمنت بالله ورسله.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والهداية والسداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>