[موقف جمال البنا من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة]
ولكن جمال البنا نهج نهجاً لم يراع فيه عقيدة ولا شريعة، ولا حتى راعى فيه الأخوة الإيمانية لأخيه حسن البنا، وإنما تبرأ من هذه الأخوة بقوله: إنه قد ربطني بأخي حسن البنا رابطة عضوية.
وهو يدري ما يقول، والرابطة العضوية إنما هي رابطة الدم والنسب، لا رابطة الإيمان والعقيدة والأخوة الإيمانية، فلم يقل: تربطني به عقيدة أو نهج أو فكر أو غير ذلك، وإنما قال: تربطني به رابطة عضوية، فهو من أول الأمر قد تبرأ مما عليه أخوه، وتبرأ من كل جماعة ودعوة على الساحة، حتى تبرأ من الصحابة رضي الله عنهم، وتبرأ من التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فكان هذا الرجل صريحاً جداً مع نفسه، ومع الناس، وقد رد عليه علماء الأزهر ظناً منهم أنه جاهل، وفي كل رد يعقب عليه ويقول: أتدرون أني لم أقرأ ردودكم هذه؟! إنما قرأتها قبل أن يلتقي آباؤكم بأمهاتكم.
كبر وعنجهية وغطرسة، بل -والله- إلحاد وزندقة وإفساد في الأرض، يقول: أتظنون أني لا أعلم تعقيبكم هذا أو ردكم علي؟ لا والله، أنا أعلمه، وقد قرأته وعندي من الكتب والمكتبات ما ليس عند واحد فيكم ولا حتى في المكتبات العامة.
هذا الرجل ليس نكرة في المجتمع حتى أذكره أنا على المنبر، وإنما قد صنف أكثر من عشرين كتاباً يحارب فيها دين الله عز وجل، ولكن يبدو أن الوقت لا يسمح له بالطعن في القرآن الكريم، وإنما طعن في السنة النبوية فقال: السنة التي يقال: إنها نبوية -انظروا إلى هذا اللمز والغمز- تحتاج إلى إعادة نظر، والفقه لا بد أن يجمع عن بكرة أبيه ويحرق، ونحن في أمس الحاجة لفقه جديد، حتى قال: إني نظرت في كتب الفقه فوجدت أن معظم هذه الكتب تتكلم عن العبادات مما يؤدي في نهاية الأمر إلى توثين الصلاة! أي: جعل الصلاة وثناً.
تصوروا أن رجلاً اسمه جمال -بل هو إلى القبح والفساد والزندقة والإلحاد أقرب- جعل الفقهاء القدامى وثناً يعبد، فهو آلمه جداً أن الفقهاء توسعوا في الكلام عن العبادات، وأخذ للعبادات رمزاً وهو الصلاة، وقال: جعلوها وثناً.
أمر عجيب جداً! والأعجب منه أن ينبري علماء الأزهر للرد عليه، ظناً منهم أنه جاهل، على أية حال: جهد مشروع، وعمل مبذول لرد هؤلاء الملاحدة إلى الإسلام مرة أخرى، ولكن هيهات هيهات! الهداية بيد الله عز وجل، ففي صفحات الجرائد والمجلات والصحف الرد عليه، بل صنف بعضهم كتباً للرد عليه.
لم كل هذا الجهد؟ هل أنتم تفرغتم تماماً لهؤلاء الملاحدة؟ عندنا دعوة عظيمة وطويلة وعريضة، عندنا شباب هو أحق بهذا الجهد، بأن يبذل لهم لتربيتهم والأخذ بنواصيهم إلى الله عز وجل، حتى لا يجتمع المسلمون شرقاً وغرباً للرد على كلب من كلاب اليهود والنصارى اسمه جمال البنا.