للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر السيء لتحديد وقت الساعة]

إنني أعرف أن معظم الحاضرين أتوا ليعلموا المآخذ على الكتاب، فالكتاب عندهم حلو وجميل، فجاءوا ليرون ما الذي عليه، وأنا قد ذكرت ما في الكتاب، وقد ذكر المؤلف أنه بقي على الأشراط الكبرى سبعون سنة، وهذا سلاح ذو حدين، وكلا الحدين شر، فأما شره على المتقين فهو بالتسويف، فالمتقي عندما يعرف أنه بقي له سبعون سنة يعلم أنه ما زال هناك فسحة من الوقت، وأما شره بالنسبة للظالمين أو الكافرين أو الملاحدة أو العلمانيين على جهة الخصوص فقد اتخذوا الأمر تندراً وطرفة وأضحوكة واستهزاء وسخرية فقط، فقالوا قولك: القيامة بقي لها سبعون سنة من أين أتيت بهذا الكلام، فقال: من كتب أهل الكتاب.

وهذا أمر في منتهى الخطورة؛ لأن القرآن سكت عن ذلك وتكلمت عنه كتب أهل الكتاب، فيعتقد عامة الناس أن كتب أهل الكتاب أكثر انضباطاً ودقة من القرآن الكريم؛ لأن هذه الكتب قد حددت الساعة بالضبط، ولذلك نرى من يقول: إنها في سنة (٢٠٠١) أو (٢٠٠٣) أو (٢٠٠٥) أو (٢٠٢٣)، حتى ظهر شخص من الكويت يقسم ثلاثاً أن القيامة ستقوم سنة (٢٠٢٣م)، وهذا إجرام وإن كان في صورة شيخ تقي إلا أنه قد فتن بالعد الحسابي حتى صار عنده هو الأصل في دين الله عز وجل، وكل شيء عنده مبني على الكمبيوتر، وأصبح العد الحسابي عنده دليلاً أصلياً ومصدراً شرعياً، وقد اختلفت الأنظار في العام الذي تظهر فيه الفتن أو الأشراط أو الساعة.

ولا شك أن من تكلم بشيء من هذا فقد تكلم في الغيب شاء أم أبى.

وإذا كان الهدف من رسالة أخينا الشيخ أمين تخويف الناس فهذا المعنى يناقض ما قصده وصبا إليه، وكان بإمكانه أن يلجأ إلى طريق شرعي للتخويف، وهو أن يكلم الناس عن ساعتهم لا عن الساعة الكبرى، ويكلمهم عن الموت وعن العذاب وعن القبر وعن الجنة، ويرغبهم ويرهبهم، وأما الكلام عن الساعة الكبرى التي تعم الناس فلا شك أنه من باب الكلام في الغيب، ومن علامة الإيمان بالغيب أن تؤمن بالغيب الآن كما تؤمن به بعد مئات السنين، وأن تتوقع أن يقوم الآن كما يقوم بعد عشرات أو مئات السنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>