[الرد على تحديد المصنف عمر الأمة بانتهاء العلامات وتناقضه في ذلك]
السؤال
إن الشيخ أمين لم يقل بتحديد الساعة، وإنما قال بتحديد عمر الأمة، وأن عمرها سينتهي بانتهاء العلامات الكبرى؟
الجواب
الشيخ أمين يقول في الكتاب: إن عمر الأمة ينتهي بانتهاء العلامات، وأحياناً يقول: ينتهي بخروج الدابة، وأحياناً يقول: ينتهي بالنار التي تحشر الناس، وأحياناً يقول: بالريح التي تقبض أرواح الناس، فنحن لا نعرف متى ينتهي عمر الأمة، ومع أي علامة؛ لأننا كلما أمسكنا به في علامة هرب منها إلى علامة أخرى، وكلما أمسكنا به في جملة قال غيرها، فنحن لا ندري على مذهب الشيخ متى تقوم الساعة ومتى ينتهي عمر الأمة، ولو على سبيل التقريب.
ثم هذا الكلام مردود من وجوه: الوجه الأول: أن ذلك فيه ادعاء علم الغيب، وعمر الأمة غيب، إلا ما سبق من عمر الأمم السابقة كما ذكرنا.
الوجه الثاني: ما الذي يقصده الشيخ أمين حفظه الله بمصطلح (عمر أمة الإسلام وقرب ظهور المهدي عليه السلام)، فقرب ظهور المهدي قد عرفناه، ولكن ما الذي يقصده بعمر أمة الإسلام، وما هو ارتباطه بـ المهدي عليه السلام؟! فـ المهدي في أول العلامات الكبرى التي تعقبها الساعة، فهل يقصد أن عمر أمة الإسلام سينتهي بظهور المهدي؟! لو قال ذلك فإننا لا نوافقه؛ لأن معنى ذلك أن الأمة ستفنى وتنتهي قبل ظهور المهدي، فمن سيبايع -إذاً- المهدي عند ظهوره؟! فـ المهدي لا يبايعه إلا الطائفة المؤمنة عند الكعبة، فلابد أن تبقى الأمة، كما أن المهدي سيقاتل ويصول ويجول بالمؤمنين أتباع النبي عليه الصلاة والسلام، والمهدي يعقبه نزول عيسى عليه السلام، وعيسى عليه السلام ينزل فيحكم بشريعة محمد عليه السلام، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويقيم في الناس دين محمد عليه الصلاة والسلام.
إذاً: الأمة باقية بعد ظهور المهدي، وأما إلى أي مدى ستبقى فهذا أمر لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى على وجه التحديد.
ونسأل الشيخ أمين: ماذا يقصد بعمر الأمة؟ هل يقصد بعمر الأمة وجود المسلمين أو وجود الإسلام أو وجود القرآن؟ فهذه أسئلة لابد لها من إجابات، فإذا قال: أنا أقصد به الإسلام، قلنا: لا يدري متى يرفع الإسلام إلا الله عز وجل، وليس هناك دليل من كتاب ولا سنة يبين متى يرفع الإسلام من قلوب وصدور الناس، وإذا كان يقصد بكلمة عمر الأمة رفع القرآن فلا يعلم ذلك كذلك إلا الله تبارك وتعالى، وإذا كان يتكلم عن وجود المسلمين فيلزمه أن يقول بفناء الموحدين وبقاء الكفار أو الذين لا دين لهم ولم يرسل إليهم نبي، وهذا محال، وقيام الساعة الذي نفهمه ويفهمه كل أهل العلم مرتبط بفناء الأمة، أي: أن الساعة تأتي بعد فناء الأمة، والمعلوم قطعاً أن عمر الأمة إلى قيام الساعة؛ لأن المراد بالأمة أمة الدعوة، والشيخ أمين قال: المراد عمر أمة الإجابة؛ لأنه قال: عمر أمة الإسلام، ولم يقل: عمر الأمة فقط؛ لأن عمر الأمة -أي: عمر جميع المكلفين وعمر جميع الخلق- كذلك، والنبي عليه الصلاة والسلام ثبت عنه أنه قال:(والذي نفسي بيده لا يسمع بي واحد من هذه الأمة ثم لا يتبعني إلا دخل النار).
فهذا الحديث يتكلم عن أمة الدعوة، أي: الأمة التي محلها دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالأمة أمتان: أمة الإجابة، وهي التي استجابت وآمنت وصدقت وعملت واتبعت وهي أمة الإسلام، والشيخ أمين تكلم هنا عن فناء عمر أمة الإسلام، وأما عمر أمة الدعوة فلم يتكلم عنه، وهم جميع الخلق الذين خوطبوا بدعوة النبي عليه السلام، واليهود والنصارى من أمة النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم مطالبون بالاتباع، فلما لم يتبعوا وعجزوا وأنكروا وجحدوا استحقوا النار عياذاً بالله؛ لأنهم كالذين ارتدوا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.