يسأله السائل: هل معنى هذا أن نترك الباب لكل من هب ودب ليقول: أنا مجتهد ويفسر على حسب رأيه وهواه؟ يقول: نعم، فلنترك الباب لكل من هب ودب، ماذا يضايقكم في ذلك؟! فيرد عليه الدكتور الطعني ويقول: إذاً: نأذن لبائع البطاطا بالاجتهاد.
فيقول: وما المانع أن نأذن لبائع البطاطا بالاجتهاد، فإن أخطئوا قومناهم، وإذا أصابوا باركنا إصابتهم.
فاليهود لا يمكن أن يعملوا في الأمة مثلما عمل فيها جمال، وبوتين زعيم روسيا مع ما يصنعه مع إخواننا في الشيشان لا يجرؤ أن يعتدي على القرآن والسنة هذا الاعتداء، وأن يسفه جهود الفقهاء والعلماء والأئمة على مدار ألف وأربعمائة سنة، والذي يجرؤ على هذا هو من يقيم بيننا ويتكلم بألسنتنا ويدعي أنه على ديننا.
يقول: فلنترك الباب لكل من هب ودب، ماذا يضايقكم في ذلك؟! وعلينا ألا نغلق الباب عليهم، بل علينا أن نعلق على ما يقولون ونرد عليه إن شط، فالمهم المقولة لا القائل.
ثم يقول: دع الآراء كلها تتصارع وتتبارز وتشتبك حولها الأقلام؛ لأن هذا معناه أن هناك حياة فكرية نشطة وإعمال للذهن، أما هذا الصدأ والخمول -ويعني به الفقه القديم- والغفلة التي تحدث عنها القرآن وجعل أصحابها أقل من الأنعام في قوله:{أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}[الأعراف:١٧٩]، هكذا يصف المجتهدين.
وهو سعيد بالدكتور إسماعيل منصور أحد المهرجين، وأحد الملاحدة، الذي صنف كتاباً عن موقفه من السنة، وإن كان في وقت من الأوقات شيخاً لي، وقد درست عليه أيام استقامته، ولكنه انحرف انحرافاً شديداً، بل ألحد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذلك عندما نغضب في الرد عليهم يناقشوننا بهدوء وببرودة وكأن أعصابهم في ثلاجة، ويقولون: لماذا أنتم غاضبون؟! ولماذا أنتم -يا أهل السنة- تكفرون دائماً، وتحكمون بالردة، وتسيئون الظن؟! فنقول: أنت دمرت العقائد والفقه ودمرت كل شيء، وتطالبني ببرودة الأعصاب؟! أنت تطعن في ديني، ولو طعن أحد في امرأتك أو في ابنتك ماذا سيكون ردك؟! ذات مرة ذهب عالم إلى بعض الإخوة ليناقشه رداً على باطله، فكان يهدم في شريعة الرحمن بعقائدها وأصولها ما شاء الله له أن يهدم، ثم قال هذا الملحد: وشرف بنتي أنا لم آت إلى هنا بدفع من أحد إلا بوازع النصح.
فقال له أحد الحاضرين: هل عند بنتك شرف حتى تحلف بشرفها؟! فغضب غضبة شديدة، وعندما كان يهدم في الدين من أوله إلى آخره لم يغضب مرة، ولم يكف لسانه عن الطعن في الشريعة قطعه الله هو وأمثاله.
ثم يقول السائل: ألا ترى أن الحرية يجب ألا تتطرق إلى الثوابت كالصيام والصلاة والزكاة والحج والعقيدة وغير ذلك؟ فقال: لا، هذا الكلام غلط، ينبغي أن تذكر الحرية في مثل هذا، بل إنني أقول: إن الحرية يجب أن تتوجه إلى الثوابت، فالعلماء عندما قالوا:(من أنكر معلوماً من الدين بالضرورة) يمكن أن نضع تحت هذه المقولة الفضفاضة مائة تهمة على أقل تقدير، فهذه الثوابت لو تركناها دون أن نتحدث عنها بحرية فإنها تتوثن وتصدأ، يعني: لو تركنا الصيام والصلاة والزكاة والحج وغيرها دون أن نطعن فيها وندمرها؛ ففي المستقبل ستكون عبارة عن أصنام يعبدها الناس، فعلينا أن ننشئ الأجيال القادمة على ألا يوجد شيء اسمه صلاة وصوم وزكاة وحج ولا شيء من هذا أبداً، لا تقل لي: أصلي؛ لأن تعودك على الصلاة يجعل الصلاة وثناً يعبد.