في الوقت الذي عُقدت فيه المؤتمرات في بكين وغيرها لنصرة المرأة بزعمهم، وإعطاء المرأة حقها بزعمهم، وإعطاء المرأة فرصة لممارسة حريتها بزعمهم، هم في ذاتهم يعترفون في بلاد الغرب والكفر أن هذه المؤتمرات هي التي أحدثت انحلالاً في مجتمعات الكفر يوشك أن ينهار بهذه المجتمعات؛ لأن المرأة لما أُعطيت حريتها أفسدت فساداً عظيماً، والنبي عليه الصلاة والسلام بشّر بذلك وأخبر به، قال:(ما تركت فيكم بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، اليهود وهم أصحاب الأيدي الخبيثة على وجه الأرض في طول التاريخ وعرضه علموا أن السلاح الفتاك هو سلاح المرأة، فاستخدموها من أول لحظة، أيقنوا أن الحرب العسكرية الدموية لا تصلح مع المسلمين، وأن المسلمين عندهم من روح الجهاد ما يكفي لمواجهة الواحد منهم ألفاً من اليهود، فلما فشلوا في هذا من جهة العسكر لجئوا إليهم من جهة المرأة، ثم لجئوا بعد ذلك إلى ما يسمى بالتطبيع وإلى ما يسمى بالثقافة الدخيلة، وإلى ما يسمى وما يسمى وأساليب اليهود لا تنتهي.
ثم تُعقد هذه المؤتمرات المعروفة بمؤتمرات السكان أو الإسكان، حتى عقدت في مصر أخيراً، وقرروا أن هذه المرأة آدمية، وهذه بلية عظيمة أن تُعقد مؤتمرات حتى تبيّن أن المرأة حيوان أم إنسان، ولكنهم -لا جزاهم الله خيراً- قد خرجوا بنتيجة، وهي أن المرأة إنسان وليست حيواناً.
ثم لزاماً في المحافظة على إنسانية المرأة أن يسنوا لها القوانين؛ لأن المرأة كالرجل تماماً بتمام، ولا بأس عندهم أن تحمل المرأة عاماً وأن يحمل الرجل عاماً، وأن ترضع المرأة عاماً وأن يرضع الرجل أعواماً، وأن يكون للرجل ثدي وفرج وأن يكون للمرأة ثدي وفرج فلا بأس بهذا كله، والتكنولوجيا الحديثة تساعدهم على فعل كل هذا، لا بأس به.
ولكن البأس كل البأس أن ينعقد مؤتمر السكان في مصر عدة مرات، منها السري ومنها العلني، حفظاً لماء الوجه القبيح، ثم يقرر مؤتمر السكان: أن الختان حرام، أي: أنه حرام قانوناً؛ لأنهم لا يعرفون لغة الشرع، فهو يحرّم دولياً، وقامت مصر بأسرها على هذا المؤتمر قومة رجل واحد، لم يخالف منهم إلا أذناب المستشرقين من العمائم ومن غيرهم، ولكن الساسة والقادة وجُل العلماء والدعاة إلى الله عز وجل أنكروا هذا المؤتمر برمته، وقالوا: إذا قرر شيئاً يخالف شرع الله فإننا لا نُلزَم بقبوله، هذا على أية حال خير، ولكن الغريب أنه لا يُسمح لهذه المؤتمرات -التي لا أقول: إنها المشبوهة، ولكن التي أسفرت عن وجهها القبيح- في ضرب المجتمعات الإسلامية في صميم قلبها، فأقول: إذا كان كذلك فلِم يؤذن لها بالانعقاد هنا؟ وقد انعقدت.